ماذا يحدث للبروستاتا من تغيرات؟


سبق أن أشرنا في الوصف التشريحي للبروستاتا أنها عبارة من مجموعة من الغدد ذات قنوات متشعبة تلتقي وتلتحم قنوات أكبر تؤدي إلى الجزء الأول من مجرى البول وتفرغ فيه كما نوهنا بأن هذه الغدد تتخللها ألياف عضلية ناعمة تبدو تحت عدسة الميكروسكوب مزيجاً من الغدد والعضلات منسقة ومرتبة بنظام لا تخطئه عين الفاحص وأشرنا إلى أن قناة مجرى البول ابتداء من عنق المثانة تصبح بالبروستاتا وتشق طريقها خلالها متلقية فتحات قنوات الغدد بالإضافة إلى فتحتي القناتين القاذفتين اللتين تخترقان الجزء الأعلى من البروستاتا.
وحين يبدأ حدوث التضخم الحميد فأول ما يظهر هو عقد ليفية صغيرة في الجزء الداخلي من البروستاتا المتاخم لقناة مجرى البول
في نصفها الأعلى ما بين عنق المثانة والقناتين القاذفتين ولا تلبث هذه العقد الليفية أن تجتذب نمو القنوات الغددية القريبة منها فتغزوها براعم غددية صغيرة حديثة التكوين ومستقلة عن الغدد الرئيسية الكبيرة نسبياً والتي هي قوام البروستاتا الأصلية ويطرد هذا النمو حتى تتلامس العقد الجديدة وتصبح نسيجاً إضافياً جديداً يحيط بالنصف الأعلى من هذا الجزء من مجرى البول ويستمر النمو ضاغطاً على النسيج الأصلي للبروستاتا ومسبباً لضمور الغدد الأصلية وبمضي الوقت واستمرار التضخم ينضغط النسيج الأصلي إلى الحد الذي يصبح فيه مجرد إطار ليفي عضلي تتناثر فيه غدد ضامرة وهنا يطلق على هذا الإطار اسم الحافظة الجراحية.
وتزداد أبعاد البروستاتا طولاً وعرضاً وعمقاً بسبب نمو التضخم ويثقل وزنها الذي هو في الأصل بين 15 و20 جراماً ليصبح ثلاثين أو خمسين جراماً وقد يجاوز مائة جرام ويزداد طول هذا الجزء من مجرى البول الذي يعبر البروستاتا ويلتوي مساره بحكم ازدياد طول البروستاتا نفسها وربما برزت البروستاتا إلى أعلى وإلى الأمام  
فأصبحت ناتئة في الجزء الأسفل من تجويف المثانة مما يعوق التفريغ الكامل للبول بالإضافة إلى انضغاط مجرى البول والتواء مساره في هذه المنطقة نتيجة للتضخم.
ورغم كل هذا فينبغي أن نوضح للقارئ أن التضخم الحميد الذي وصفناه من الأورام الخبيثة فهو لا يقتل الخلايا المجاورة له وإنما يضغط عليها ويزيحها إلى الإطار الخارجي ولا قدرة له على غزو الأعضاء المجاورة أو الوصول إلى الغدد الليمفاوية أو الانتشار البعيد إلى الأماكن النائية في الجسم كما هو الشأن في الورم السرطاني.
وجميع آثار التضخم الحميد تترتب على ضغطه على مخرج البول وإعاقته لعملية انفتاح عنق المثانة عند التبول ومقاومته لتيار البول مما يترتب عليه عجز المثانة عن التفريغ الكامل لمحتواها من البول ويبقى بعضه في نهاية التبول وهو ما يعرف بالبول المتبقي وكأي ماء راكد  نتيجة لسوء الصرف يعتبر البول المتبقى فرصة سانحة لنمو الميكروبات فيه وتكاثرها إذا وصلت إليه مما يؤدي إلى التهاب المثانة ويعتبر تلوث البول المتبقى بالميكروبات منعطفاً خطيراً في خط سير المرض إذ يجر وراءه سلسلة من المضاعفات وعلاجه عسير طالما بقى انسداد الطريق وركود البول المتبقى وعجز المثانة عن التفريغ الكامل.

خريطة دليل البروستاتا السابق