4ـ هل هناك أمراض حساسية معينة تصيب بعض الشعوب دون غيرها؟

تنتشر أمراض الحساسية على امتداد خريطة العالم لتصيب البشر في كل مكان . ومع ذلك تتفاوت نسبة الإصابة بين قطر وآخر، وعلى مستوى القطر الواحد . وقد يرجع هذا الاختلاف إلى تباين الظروف البيئية والمناخية من منطقة لأخرى .فقد لوحظ مثلاً أن أمراض حساسية الجهاز التنفسي تقل نسبتها في المناطق الجبلية ، في حين تزداد الشعبي في المناطق التي تعاني من ارتفاع نسبة التلوث في الجو. وفي داخل البلد الواحد ، تختلف نسبة الإصابة بالحساسية في العاصمة عنها في الريف ، وفي الأماكن الساحلية أيضاً إذا كانت مرتفعة الرطوبة ـ وقد يمتد الاختلاف في هذه الحالة إلى مسببات الحساسية نفسها.
وتجدر الإشارة إلى أن قياس معدلات الإصابة بأمراض الحساسية المختلفة يعتمد على طرق مختلفة للبحث ، وتختلف النتائج تبعاً لطريقة البحث المتبعة . فهناك أبحاث تقوم على طرح مجموعة من الأسئلة على المواطنين للإجابة عنها ، ومن خلال دراسة إحصائية دقيقة يمكن الحصول على نسبة انتشار المرض. وهي طريقة مفضلة عن غيرها ونتائجها أقرب إلى الواقع لزيادة عدد العينات (الأشخاص) المشاركة في البحث.وهناك طرق أخرى ، ولكنها مكلفة وتتطلب جهداً أكبر ، كما أنها تتضمن عدداً أقل من الأشخاص المشاركين في البحث مما يقلل من دقة النتائج.من هذه الطرق الأخيرة ، الدراسة الوبائية لأحد أمراض الحساسية عن طريق اختبارات الحساسية الجلدية بالوخز ، ودراسة وظائف التنفس لمعرفة الإصابة بالربو الشعبي .
وكمثال على تباين الأبحاث المختلفة لقياس نسبة الإصابة بالحساسية تقدر بعض الأبحاث أن الربو الشعبي ينتشر بين 3ـ4% من البشر ، بينما تصل هذه النسبة في أبحاث أخرى إلى أكثر من 18% أو 20%.
غير أن كل الأرقام تشير إلى ارتفاع مطرد في معدل الإصابة بحساسية الصدر على مستوى العالم، كما تزداد نسبة تعرض مرضى الربو الشعبي لأزمات تنفسية شديدة تستدعي نقلهم للمستشفيات تحت العلاج المكثف. كما وجد أن نسبة الإصابة بالحساسية الجلدية التأتبية وصلت إلى 2ـ5% أو أكثر . أما في مصر ، فقد أظهرت إحدى الدراسات في أواخر الثمانينات ، على الأطفال من عمر 3ـ14 سنة بالقاهرة ، أن نسبة انتشار الربو الشعبي بينهم وصلت إلى 8.2%.
ومن ناحية أخرى ، هناك تصور خاطئ لدى بعض العلماء في الغرب بأن مصر والبلدان الأخرى التي تنتشر بها الأمراض الطفيلية المتوطنة (البلهارسيا و الأسكارس وغيرهما) تخلو من الإصابة بالحساسية التأتبية. ويستند هذا التصور إلى أن الجسم المناعي "IgE" الذي يلعب درواً مهماً في الحساسية التأتبية ، له دور لا يقل أهمية في التصدي للطفيليات ، وبالتالي ينشغل على حساب دوره في إحداث الحساسية.هو اعتقاد غير صحيح ، ذلك أن أمراض حساسية الجهاز التنفسي والأمراض الجلدية تحدث مصر كما تحدث في غيرها من بلدان العالم الأخرى. كما يعتقد بعض الباحثين الغربيين أيضاً أن نسبة انتشار الربو الشبعي في بلادنا أقل منها في بلدان أخرى ، استناداً إلى معلومات غير دقيقة عن قلة حدوث الالتهابات الفيروسية في مصر . والمعروف أن هذه الالتهابات قد تسهم في انتشار حدوث الربو الشعبي وزيادة حدته. ولكن الواقع أن فيروسات الأنفلونزا وغيرها منتشرة في البيئة المصرية ، وهي تهاجم مرضى الحساسية وتزيد من معدل حدوث وحدة الأزمات الصدرية لديهم.
خريطة دليل الحساسية السابق