يصاب الكبد بأمراض طفيلية كثيرة ، منها ما هو وحيد الخلية كالأميبا والملاريا ، ومنها أيضا الديدان بأنواعها وعلى رأسها البلهارسيا ، ولهذه الأمراض أهمية خاصة لتوطن الكثير منها في مصر وغيرها من البلاد العربية وسنعرض فيما يلي موجزاً لأهم أنواعها :
أ ـ الأميبا :
الأميبا طفيلي وحيد الخلية ، منتشر في كل أنحاء العالم ، ولكن إصابته في الأمعاء والكبد تكتسب أهمية خاصة ، في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية ، نظراً لشدة مضاعفاتها ،تعيش الأميبا متحوصلة في أكياس منيعة ، تنتقل بها من شخص إلى شخص ، عن طريق تلوث الماء والأغذية بالبراز والفضلات ، بعد ابتلاع الأكياس ، تنشط هذه إلى التحرك في الأمعاء الغليظة ، وتغزو الغشاء المخاطي ، فتكون قرحاً متناثرة وتسبب أعراضاً وعلامات ، قد تصل إلى الدوسنطاريا المعروفة .
بعض هذه الكائنات النشيطة تغزو الوريد البابي وفروعه الدقيقة في الكبد ، فتسدها ، وتسبب تحلل الخلايا الكبدية ، وتجمعها في خراجات صغيرة متناثرة ، وهذه قد تنضم وتكون خراجاً واحداً في حجم البرتقالة أو أكبر.
ومعظمها يتجمع في فص الكبد الأيمن ، تحت حدبة الحجاب الحاجز ، وعلى مقربة من البلورا والرئة اليمنى ، أما خراج الفص الأيسر ، وهو نادر ، فله خطورة خاصة لقربه من القلب وغشائه التاموري .
خراج الكبد الأميبي قد يظل شهوراً دون أعراض ملحوظة : توعك غامض ، أو ارتفاع طفيف في درجة الحرارة السبب ، اما الألم فقد يكون شعوراً بالثقل في مكان الكبد ، أو يتخذ مساراً حاداً أشبه بالطعن من مشاركة البلورا ، والسعال عندئذ جاف وملح ، الكبد قد يجس متضخماً وآلماً ، أو لا يحس إذا كان الخراج متجمعاً في حدبة الفص الأيمن ، والقرع والطرق فوق أسفل الصدر الأيمن يكون عادة مؤلماً ،واليرقان نادر .
صورة الدم تبين ارتفاعاً محدوداً في عدد الكريات البيض ، ووظائف الكبد قليلة التأثر إلا الفوسفاتاز القلوي فقد يرتفع ، أما التحاليل المناعية والسيرولوجية ، مثل "الإليزا" ، فلها قيمة كبيرة لتشخيص الأميبا التي تغزو الأمعاء والكبد ، وأما تحليل البراز ، فقد لا يحتوي على الأميبا المسئولة ، ولا نعتمد عادة على ضرورة وجودها لتشخيصها .
الفحص التصويري (أشعة ، ونظائر مشعة ، وموجات فوق صوتية ، وأشعة الكمبيوتر المقطعية ) ضروري للتشخيص ، وقد نحتاج إليه لتوجيه إبرة إلى الخراج ، لتشخيص محتوياته ، أو لتفريغه وعلاجه .
وأخطر ما نخشاه من الخراج ، هو انفجاره : انفجاره في التجويف البريتوني ، أو في تجويف البلورا ، أو في تجويف التامور ـ وهو أسوؤها .
العلاج يستجيب عادة لدواء مترونيدازول 750 مجم ، بالفم 3 مرات يومياً لمدة عشرة أيام ، وبالرغم من موت الأميبا ، إلا أن الخراج قد يحتاج لشهور طويلة حتي يندثر ، وأحياناً نستعجل الشفاء بشفط محتويات الخراج بالإبرة ، خاصة إذا كان الخراج ضخماً ، أو كان قريباً من القلب في فص الكبد الأيسر ، ويندر أن نحتاج لفتح الخراج جراحياً ، أما المضادات الحيوية ،فلها دورها ، إذا كان الخراج الأميبي قد تلوث بعدها بالبكتريا وتقيح .
خراج الكبد التقيحي يشبه الخراج الأميبي في كثير من أعراضه وعلاماته ، إلا أن الأسباب مختلفة ، أهمها العدوى من التهابات الجهاز الهضمي عن طريق الوريد البابي ، كالتهاب الزائدة الدودية ، أو التهاب ردوب (جيوب) القولون ، أو عن طريق القنوات المرارية في التهاب المرارة وحصياتها ، أو نشأ التقيح في بؤرة في الكبد تكون معرضة للتلوث ، كورم أو كيس أو تجمع دموي من إصابة حادث كصدمة سيارة أو ما شابهها.
خراج الكبد التقيحي ، قد يكون صغيراً أو كبيراً ، وحيداً أو متعدداً ، وارتفاع درجة الحرارة ، والزيادة في عدد كرات الدم البيض ، أكثر وضوحاً منها في الخراج الأميبي ، ووسائل الفحص التصويري مشابهة ، وزرع الميكروب من الدم ومن صديد الخراج ضروري بالطرق البكتريولوجية لتحديد نوعه والمضاد الحيوي المناسب لعلاجه ، والعلاج يتوقف على المضادات الحيوية المناسبة ، وعلى شفط صديد الخراج ولو تكرر ، ويندر أن نحتاج للفتح الجراحي .
خريطة دليل الكبد | السابق |