متى يستطيع المريض أن يعود لمزاولة حياة طبيعية؟


هذا السؤال بالطبع من أهم الأسئلة التي تشغل بال جميع المرضى ، والإجابة عن هذا السؤال في تطور مستمر بمعنى أنه في الماضي كان الطبيب ينصح المريض بالبقاء بالمنزل لمدة شهرية قبل أن يستطيع مزاولة حياة طبيعية ، ولكن مع التطور في المعلومات المتاحة عن طريق البحوث الطبية أصبح من الممكن تقل الفترة جداً بحيث يستطيع المريض أن يعود لمزاولة حياة طبيعية بعد 3ـ 6 أسابيع ولكن ذلك لا يحدث إلا بعد أن يجري الطبيب بعض البحوث المهمة لتقييم الموقف.
فالطبيب مطالب هنا أن يجيب على أسئلة مهمة جداً بخصوص المجهود الذي يستطيع المريض أن يزاوله بعد الخروج ، ولذلك على الطبيب أن يتساءل هل هناك قصور في أحد الشرايين الأخرى؟ هل المريض مهدد بتكرار الإصابة بالجلطة في الشريان التاجي ؟ وما هي كفاءة عضلة القلب؟ وهذه تعتبر من أهم الأسئلة التي يجب على الطبيب المعالج أن يجيب عنها قبل السماح للمريض بالعودة لممارسة حياة طبيعية دون مخاطر ، من المعروف طبياً أنه رغم زوال فترة الخطورة القصوى بعد الأيام الثلاثة الأولى من بداية الجلطة فإن أعلى نسبة مضاعفات بعد ذلك تقع في خلال الشهر الأول بعدها ، وهي وإن انخفضت عن تلك التي تقع في الأيام فإن على الطبيب أن يعمل بكل جدية على تلافيها نظراً لخطورتها على حياة المريض ، فذلك فإن الكلية الأمريكية لأمراض القلب والجمعية الأمريكية لأمراض القلب توصيان بأن أشمل الطرق لتقييم الموقف بعد الجلطة تكمن في إجراء بحثين مهمين متكاملين بعد 7ـ 10 أيام من بدايتها ألا وهما :
1ـ فحص القلب بالمجهود والجاما كاميرا وذلك يعطي الطبيب معلومات مهمة عن فسيولوجية وظائف الشرايين التاجية .
2ـ إجراء قسطرة لتصوير الشرايين التاجية حتى تتحدد حالتها بدقة إذ قد يكون هناك ضيق مؤثر في أحد الشرايين الأخرى بجانب الشريان الذي أصيب بالجلطة ، وبالطبع لابد للطبيب من تشخيص الموقف والعمل على تلافي تكرار الجلطة .
وهنا يجب أن نشير إلى أن أي مريض تعرض لتجربة الإصابة بجلطة في الشريان التاجي ومر منها بسلام يعتبر محظوظاً حيث إن حوالي 25% من الحالات قد تؤدي إلى موت مفاجئ وحتى قبل أن يصل المريض إلى المستشفى !.
ومن هنا ينبع اهتمام الطبيب بالتشخيص الدقيق للموقف عملا على تلافي تلك العواقب الوخيمة ، كذلك فكما قلنا من قبل فإن الدواء الذي يذيب الجلطة ينجح في حوالي 70% فقط من الحالات ، وهو ينجح بمعنى أنه يذيب الجلطة ويسمح بتدفق الدم عبر الشريان لتغذية العضلة ولكنه لا يستطيع إذابة ترسيبات الكولسترول الموجودة على جدار الشريان وإلى يومنا هذا لا يوجد أي دواء يستطيع أن يقوم بتلك المهمة .