لقد ذكرنا الاحتباس البولي بنوعيه الحاد والمزمن باعتباره أول مضاعفات تضخم البروستاتا وأكثرها حدوثاً ولابد أن نستلفت نظر القارئ إلى أن الاحتباس البولي قد ينتج عن أسباب أخرى خلاف التضخم.
وينبغي أولاً أن نفرق بين احتباس البول وامتناع البول(أسر البول) ففي حالة الاحتباس البولي تفرز الكليتان البول بطريقة طبيعية ويصل البول إلى المثانة فيملؤها ويشعر المريض برغبة في التبول ولكنه يعجز عن إخراج البول رغم امتلاء المثانة أما في حالة امتناع البول فإن الكليتان تتوقفان عن الإفراز لسبب أو لآخر أو تفرزان البول ولكن وجود انسداد بالحالبين يمنع وصوله للمثانة وبالتالي فهي فارغة خاوية ولا يحس المريض برغبة في التبول.
وللاحتباس الحاد أسباب مختلفة وقد يصاب به الأطفال أو الشباب أو الإناث وكلهم بالطبع لا علاقة لهم بالتضخم الحميد،فقد يصاب
وتصاب الإناث بالاحتباس البولي لعيب خلقي في الجهاز التناسلي وهو انسداد
وكذا فإن أورام عنق الرحم الليفية أو السرطانية قد تؤدي في مرحلة متأخرة إلى حدوث الاحتباس البولي وفي كلا الجنسين وفي جميع الأعمار فإن إصابات النخاع الشوكي في الحوادث قد ينتج عنها الاحتباس الحاد وقد لا يشعر به المرضى حيث يعانون من شلل وفقدان للإحساس في النصف الأسفل من الجسم كله بسبب ما أصاب النخاع الشوكي والأعصاب الصادرة عنه في أثناء الحادث.
ومن أسباب الاحتباس البولي الحاد التي لا علاقة لها بالجهاز البولي نفسه وجود أي مرض مسبب للألم في أسفل البطن أو العجان أو الشرج.
فالبواسير المختنقة والشرخ الشرجي و الخراريج التي قد تحدث حول الشرج والعمليات الجراحية المختلفة في هذه المنطقة الحساسة من الجسم قد يترتب عليها انعكاس عصبي بسبب الألم يؤدي إلى انقباض شديد في العضلات المحيطة بقناة البول تلك العضلات القابضة التي تتحكم في المخرج وبذا يستعصي على المريض أن يتبول إلا إذا أعطاه الطبيب ما يذهب عنه الألم.
وكل هذه الأسباب جائزة الحدوث في كبار السن من الرجال لذا وجب أن نستلفت النظر إلى أنه كل من احتبس بوله هو بالضرورة مصاب بالتضخم الحميد وحين يكون المريض مسناً وضعيف البنية وهزيل العضلات فمن المألوف أن يعاني عمن الإمساك وصعوبة التبرز وربما امتنع لمدة أيام عديدة بسبب عجزه عن القيام بمجهود عضلات البطن اللازم للتبرز وبمضي الوقت يختزن البول وتسبب الاحتباس والبروستاتا بريئة من هذا الاتهام.
لابد أن تؤخذ في الاعتبار هذه الأسباب المتعددة لاحتباس البول في كبار السن عند التشخيص والحق أن المشكلة الحقيقة هي في وجود أي من هذه الأسباب مع وجود تضخم حميد فعلي وهنا يتحتم على الطبيب أن يقرر أيهما المسئول عن الاحتباس الحاد أهي البواسير أم هو التضخم الذي يثبت وجوده بالفحص الدقيق؟ الحق أن تقدير مثل هذه المواقف المحتملة يرجع أساساً إلى ترجيح الطبيب المعالج بقدر خبرته وتمرسه وما يعرف بالحاسة الإكلينيكية.
| خريطة دليل البروستاتا | السابق |