أـ العقاقير

تلعب العقاقير دوراً مهماً في حدوث حالات الحساسية المفرطة ، خاصة إذا أعطيت عن طريق الحقن بالوريد. ومن أخطر هذه العقاقير ، المضادات الحيوية ، خاصة عقار "البنسلين" المسئول عن ظهور 75% من حالات الحساسية المفرطة. وتظهر الأعراض بصورة متفاوتة الشدة لا علاقة لها بالتكوين المناعي للفرد ، أي لا ترتبط بما إذا كان هناك استعداد وراثي لدى الفرد للإصابة بالحساسية (حساسية وراثية أو تأتبية). وقد تصل شدة هذه الأعراض في بعض الحالات إلى حدة تعريض حياة المريض للخطر.
ويشترط لحدوث الحساسية المفرطة الناتجة عن العقاقير الطبية أن يبلغ الوزن الجزيئي للعقار قدراً محدداً حتى يمكنه تحفيز الخلايا المناعية. ولما كان الوزن الجزيئي للبنسلين صغيراً ، فلا يستطيع وحده إثارة التفاعلات المناعية لذلك فإنه يتحد مع أحد بروتينات الدم ليكون أنتيجينا كبير الحجم قادراً على إحداث الحساسية.
ويتميز عقار البنسلين بأنه يشتمل على جزءين محددين لإثارة التفاعلات المناعية. وتؤدي الإثارة بالجزء المحدد الكبير من البنسلين إلى حدوث تفاعلات مضادة للبنسلين يشترك فيها الجسم المناعي "IgE". أما الجزء المحدد الصغير فلا يمكنه إثارة الجهاز المناعي لإنتاج أجسام مناعية مضادة، وإنما يلعب دوراً أكبر في حدوث الحساسية المفرطة.
((تجدر الإشارة إلى أن جميع مستحضرات البنسلين مهما اختلف تركيبها الكيميائي ، يحدث بينها تبادل مناعي . لذلك فإن المريض الذي سبق تعرضه للحساسية من عقار البنسلين ، يجب أن يمتنع عن تعاطي أي مستحضر من مستحضراته حتى لا يتعرض لصدمة الحساسية))
ولتشخيص حساسية البنسلين نلجأ إلى اختبارات الحساسية الجلدية بالوخز أو الحقن تحت الجلد. والمادة الفعالة المستخدمة في هذه الاختبارات هي أحد الجزءين المحددين لعقار البنسلين.ويجب عدم استخدام محلول البنسلين المعد للحقن (كما يحدث في كثير من العيادات والمستشفيات بمصر) حيث قد يؤدي ذلك إلى ظهور طفح أحمر وورم التهابي لا صلة له بالحساسية . وقد تنتهي هذه الاختبارات التي يستخدم فيها الجزء المحدد من عقار البنسلين ، بنتيجة إيجابية ، وذلك بظهور احمرار في مكان الاختبارات على الجلد تحيط به هالات حمراء ، ويصحب ذلك حكة (هرش) شديدة.
وكما أشرنا في مواضيع عديدة سابقة ، فإننا لا ننظر إلى النتيجة السلبية لهذه الاختبارات باعتبارها دليلاً قاطعاً على عدم وجود حساسية للبنسلين لدى المريض. ومن هنا يكتسب التعرف على التاريخ المرضي أهمية بالغة في تشخيص هذه الحالات . ذلك أن تعرض المريض من قبل لأعراض الحساسية للبنسلين ، مهما كانت خفيفة ، يزيد من احتمال وجود حساسية لديه ضد هذا العقار ، وبالتالي يحظر عليه تناوله خوفاً من تعرضه لصدمة الحساسية.
ويكثر حدوث حساسية البنسلين في البالغين مقارنة بالأطفال. ويعتقد بعض العلماء أن هذا النوع من الحساسية يختفي تدريجياً بمرور الوقت، خاصة بتباعد الفترات الزمنية بين مرات تعاطي البنسلين عن طريق الحقن بالوريد.
خريطة دليل الحساسية السابق