أولاً: الفحص بالموجات فوق الصوتية

هناك وسائل متعددة لتصوير الكبد وأقربائه : الجهاز المراري ، والبنكرياس ، والطحال ، تهدف إلى تحديد حجمها وشكلها وبنائها الداخلي ، أقدم هذه الوسائل هو التصوير بالأشعة السينية ، إلا أن الوسائل الحديثة أضافت وتجاوزت الكثير ، وسنبدأ بأبسطها وأكثرها شيوعاً الآن ، هو الفحص بالموجات فوق الصوتية .

أولاً : التصوير بالموجات فوق الصوتية Ultrasound(US) : 

وسيلة مفيدة ، وبسيطة ومأمونة وقليلة التكاليف ، فكرته الأساسية هي إلقاء شعاع دقيق من الموجات الصوتية عالية التردد على أجسام متفاوتة الكثافة والمرونة ، تنعكس أصداؤها من مكونات الجسم المختلفة بدرجات متباينة يمكن حصرها وتسجيلها كهربائياً وتحويلها إلى صورة متنوعة الظلال يمكن رؤيتها على شاشة تليفزيونية وتصويرها ، تستطيع هذه الوسيلة أن تميز بين ما هو جامد مصمت وما هو كيس سائل ، ويعرقل نفاذها وجود العظام (كالضلوع) أو انتفاخ الغازات (كالأمعاء) ، وأهم من ذلك ، أنها وسيلة رغم سهولتها وبساطتها ، تحتاج لإنطاقها ومصداقية نتائجها إلى فاحص خبير متمرس ،والجهاز ، لسهولته، يمكن نقله إلى المريض على سريره ، كما يمكن استعماله لتشخيص الحالات الحرجة التي يتعذر فحصها بالوسائل الأخرى المعقدة . تصور لنا الموجات حجم الكبد، وشكله وبنائه الداخلي: هل حجمه طبيعي، أو متضخم، أو منكمش ؟ وما كثافته ورجع صداه echogenicity؟ أتوجد به أجزاء أو "بؤرات" مغايرة لبقية الكبد؟ وما طبيعتها؟ صلبة أم سائلة؟ ورم أم كيس أم خراج؟ إن الموجات فوق الصوتية تستطيع أن تميز التغيرات ، حتى لو كانت صغيرة لا يتجاوز قطرها ملليمترات ، وهي أيضاً ترسم لنا الأوعية الدموية المرتبطة بالكبد : الوريد البابي ، وريد الطحال ، الأوردة الكبدية والوريد الأجوف السفلي ، ثم الأورطى ، ما قطر كل واحد منها ؟ هل هي سالكة أم مسدودة ؟ هل هناك أوردة جانبية (نسميها "دوالي") توصل بين الوريد البابي والوريد الأجوف ؟ إن ابتكار جديداً "دوبلر Dopper" يستطيع بمساعدة الموجات أن يحدد تيار الدم وحجمه في الأوعية ، ويفيدنا هذا كثيراً في التشخيص . تصور لنا الموجات أيضاً الجهاز المراري : المرارة والقنوات المرارية داخل الكبد وخارجه ، وهو موضوع قائم بذاته سنشرحه في فصول "المرارة" و"اليرقان". ثم هنالطحال،ل، آخران مرتبطان بالكبد هما البنكرياس والطحال ، أما البنكرياس ، فيحتاج إلى إعداد جيد ومهارة خاصة ، لصعوبة تصويره ، إذا حجبته الغازات المتجمعة في الأمعاء ، ونستطيع أحياناً تمييز أورام البنكرياس وأكياسه إذا كان حجمها كبيراً ، خاصة إذا سدت القنوات الصفراوية وظهر تمددها واضحاً ، وعموماً نلجأ عادة إلى وسائل أخرى تصويرية متى اشتبهنا في أمراض البنكرياس وأورامه ، أهمها الفحص بأشعة الكمبيوتر المقطعية ، ثم تلوين قناة البنكرياس والقنوات المرارية بواسطة المنظار. وأما الطحال ، ذلك الرفيق الملازم لأمراض الكبد ، فيسهل تصويره بالموجات فوق الصوتية : حجمه ، وشكله ، وتجانسه ، وهل به بؤرات غريبة كالورم أو الكيس أو الخراج ، وما قطر وريد الطحال ، وهل هو سالك أم مسدود ، وهل هناك أوردة جانبية (الدوالي) مرتبطة بالطحال؟. تكشف الموجات كذلك، عن محتويات البطن الأخرى : الاستسقاء (السائل المتجمع في التجويف البريتوني ) وكميته ،وهل هو حر طليق أم محصور بين التصاقات الأحشاء ؟ الغدد (العقد ) اللمفية الدفينة ، حول شريان الأورطى أو في مسار الأمعاء ، هل هي ورمية أم درنية ؟ يستطيع الفاحص المجرب أيضاً أن يتنبه إلى أجزاء أخرى من البطن قد تبدو بعيدة الصلة بالكبد ومتعلقاته المباشرة ، مثل الكلية أو الرحم أو المبيض ، فقد تكون مصدر ورم تنتشر ثانوياته إلى الكبد أو إلى البريتون. ثم هناك وسيلة مفيدة لتشخيص الأورام والأكياس والخراريج ،وغيرها من "البؤرات " الغريبة في جسم الكبد وغيره (كالبنكرياس أو الطحال مثلاً ) ، وذلك بإدخال إبرة لشفطها أو لأخذ عينة منها موجهة تحت بصر الموجات فوق الصوتية وتوجيهها ، والطريقة نفسها تستخدم لتوجيه الإبرة في هدى أشعة الكمبيوتر المقطعية .
خريطة دليل الكبد السابق