أولاً : الوريد البابي :

الوريد البابي هو الوريد الداخل إلى باب الكبد ، بعد أن جمع الدم من القناة الهضمية في جوف البطن ، ومن الطحال والبنكرياس والمرارة ، يتكون الوريد البابي من اتحاد وريدين : الوريد المساريقي العلوي (الذي يجمع الدم من أعلى القناة الهضمية ) ، والوريد الطحالي (الذي ينضم إليه أيضاً الوريد المساريقي السفلي لجمع الدم من أسفل القناة ).
يتفرع الوريد البابي بعد مسار قصير إلى فرعيه الرئيسين ، لتغذية فصي الكبد : الأيمن والأيسر ، ثم يتفرعان إلى فروع أصغر فأصغر ، أشبه بالشجرة ، حتى تنتهي بالشعيرات الرفيعة المسماة الجييبات ، وبها تتصل أيضاً فروع الشريان الكبدي ، وفروع أوردة الكبد الخارجة منه ، فهنا إذن مجمع الدم من شبكاته الثلاث : الوريد البابي ، والشريان الكبدي ، والوريد الكبدي ، وهذه الجييبات تصطف على شواطئها خلايا الكبد ، فتتاح لها الفرصة واسعة لتبادل الأخذ والعطاء بين الكبد والدم .
قلنا من قبل إن الكبد يتغذى بالدم من مصدرين : الوريد البابي ، والشريان الكبدي ، يورد الوريد البابي للكبد نحو 1200 سم3 من الدم في الدقيقة ، وهو يمثل 72% من حاجة الكبد للأكسجين ، وضغط الدم الطبيعي في الوريد البابي هو 7 ملليمتر زئبق .
وفي ظروف معينة يرتفع ضغط الوريد البابي ، إما لانسداد في داخل الكبد كما في حالات التليف ، أو في خارجه كما في انسداد الوريد ، عندئذ يلجأ الوريد البابي لتفريج الضغط إلى أوردة جانبية كامنة متصلة بالوريدين الأجوفين (العلوي والسفلي ) ، وأهم هذه الأوردة الجانبية هي التي في أسفل المرئ وأعلى المعدة (دوالي المرئ) ، لأنها معرضة للتقرح والانفجار ، ومن ثم للنزف الخطير ، هناك طبعاً أوردة جانبية أخرى كتلك التي في جدار البطن ، أو في المستقيم ، أو بين الطحال والكلية اليسرى ، إلا أن هذه لا تشكل خطراً داهماً .
 ارتفاع ضغط البابي له عواقب وخيمة ، منها أن غذاء الكبد يحرم من دم الوريد البابي ويزداد اعتماده على الشريان الكبدي ، ومنها أن مصفاة الكبد ورقيبه الكيميائي يفقد الكثير من وظائفه الحارسة ، فتسلل الجراثيم من الأمعاء إلى الدم وتلوثه ، وتتسرب الأمونيا (النشادر) المتولدة من الأمعاء إلى المخ فتؤدي إلى الغيبوبة ، يحتقن الطحال أما الضغط المرتفع فيتضخم وتتصلب أنسجته ، وقد يتوحش ويلتهم خلايا الدم وهو ما نسميه "فرط الطحالية " ،ودوالي المرئ تبرز وتنتشر ، بعضها سطحي في بطانة الغشاء المخاطي ، وبعضها غائر وعميق في جدار المرئ وحوله ، وكثير منها ممتد إلى قاع المعدة ، هذه الدوالي في المرئ والمعدة قد تنفجر وينزف الدم في القئ أو البراز ، والضغط البابي ، من مضاعفاته المزمنة الاستسقاء ، فالضغط البابي سبب آخر للاستسقاء الذي سنشرحه لاحقاً .
خريطة دليل الكبد السابق