ينزعج كثير من المرضى عندما يطلب إليهم أخذ عينة من الكبد لفحصه : يشفقون من ألم الوخز ،ويتوجسون من خاطره ،ونحب بادئ ذي بدئ أن نطمئنهم ، ونرى من حقهم ، ومن واجبنا ، أن شرح لهم موضوع عينة الكبد شرحاً مطولاً ومفصلاً .
عينة الكبد (جزعة الكبد Liver الكبد، وسيلة قديمة لفحص الكبد، تاريخها أكثر من قرن، ونحن نمارسها يومياً وبصورة روتينية طوال الخمسين عاماً الماضية لماذا ؟ أولاً:قاعدة أساسية لفحص نسيج الكبد، يتعذر أحياناً بدونها تشخيص المرض تشخيصاً دقيقاً وعلاجه علاجاً ناجعاً رغم كل الوسائل الأخرى المستحدثة من مناظير وموجات وكمبيوترات، ولماذا أيضاً ؟ لأنها وسيلة مأمونة متى اخترنا الحالة المناسبة وأعددنا الاحتياطات اللازمة لأخذ العينة ، نسبة الوفاة 1: 10000 (واحد من كل عشرة آلاف مريض أخذت منه العينة ) .
أولاً : دواعي الفحص :
نحتاج لعينة الكبد في المرض المزمن أكثر من حاجتنا إلى المرض الحاد ، نريد مثلاً أن نعرف : هل الكبد مصاب بالتهاب مزمن ؟ وإذا كان ملتهباً هو نشيط أم ساكن ؟ وهل الكبد متليف ؟ وما نسبته ؟ (سؤال يسأله المرضى بإلحاح) وما نوعه وسببه ؟ هل هو فيروسي ، أو مناعي ، أو بلهارسي ، أو كحولي ، أو مراري ؟
إن التهاب الكبد الحاد لا نتعرض له عادة بأخذ العينة ، ومعظم حالات اليرقان يمكن تشخيصها الآن بالوسائل الجديدة ، كالموجات فوق الصوتية والأشعة المقطعية والمناظير ، دون حاجة إلى عينة من الكبد ، إلا أن حالات معينة من مرض الكبد ، مثل إصابات الكبد الناجمة من الكيمياويات أو بعض الأدوية الضارة ، أو من عدوى غامضة المصدر كالدرن أو الالتهاب الأميبي أو الإصابة بالفطريات أو الطفيليات ، أو بعض حالات اليرقان التي تستعصي على الوسائل التشخيصية الأخرى ـ كل هذه دواع لأخذ عينة من الكبد متى تحفظنا للاحتياطات اللازمة .
نحن نحتاج أيضاً ، وبلهفة ، إلى معرفة طبيعة "البؤرة FOCUS" أو البؤرات الغريبة في جسم الكبد متى اكتشفنا وجودها بالموجات فوق الصوتية أو أشعة الكمبيوتر المقطعية ، عندئذ نحاول عادة أن نسبر غورها بعينة موجهة إليها في هدى وسائل التصوير هذه ، وقد نكتفي إذن بإبرة رفيعة جداً تجمع لنا بعض الخلايا لفحصها فحصاً خلوياً (سيتولوجيا) بين لنا طبيعتها ، وهل هي حميدة أو سرطانية .
وهناك على العكس بؤرات أخرى نتجنب عادة وخزها بالإبرة إذا كانت ورما حميداً من الأوعية الدموية ، أو كيساً طفيلياً من الديدان الشرطية المعروفة باسم "هيداتيد" تجنباً للنزف أو للحساسية ، ونكتفي عادة بمتابعة الحالة والتصوير بالموجات حتى نطمئن .
ثم نحتاج أخيراً إلى عينة الكبد في أمراض عامة تشمل الكبد ضمن أعضاء أخرى مصابة ، نريد أن نحدد موقف الكبد من هذا المرض ، وأحياناً تكون عينة الكبد هو الوسيلة الوحيدة لتشخيص المرض إذا كان غامضاً أو نادراً مثل تشحم الكبد Lipiodosis (ترسيب الدهن في الكبد ) ، والنشوانية Amyloidosis (ترسيب مادة شبه نشوية في الكبد والأنسجة الأخرى ) ، والغرناوية Sarcoidosis (عقد التهابية حبيبية تصيب الكبد والرئة والغدد اللمفية ) ، والسل الدخني Miliar T.B (هذا قد لا تكشفه أشعة الصدر ولا اختبار الدرن ،ولكن عينة الكبد تكشفه عادة ) ، والأورام اللمفية Lymphoma بما فيها مرض هودجكين Hodgkin's disease .
خريطة دليل الكبد | السابق |