مرض أم مشكلة؟ (1)


لا يعد التهاب البروستاتا المزمن من الأمراض الخطيرة فهو لا يهدد الحياة ولا يضطر مريضه إلى ملازمة الفراش ولا يعوقه عن مزاولة عمله وممارسة نشاطه العادي في الحياة ورغم هذا فهو مرض يزعج المصاب به ويوقع الطبيب المعالج في الحيرة والشعور بالإحباط حين يرى نفسه عاجزاً عن إزالة أسباب الشكوى والمعاناة رغم كل ما يقدم من وسائل العلاج ومازالت عيادات الأطباء مزدحمة بحالات التهاب البروستاتا المزمن التي لم تستجب للعلاج ولم تتحسن إلا لفترات قصيرة تعود بعدها كما بدأت أو أسوأ مما كانت.
ولعل السبب الكامن وراء هذا الفشل المتكرر هو تجاهل حقيقة أيدتها البحوث وخلاصتها أن التهاب البروستاتا المزمن ليس مرضاً
واحداً ولكنه ثلاثة أمراض يختلف كل منها عن الآخرين وإن اشتركت جميعاً في بعض الأعراض والعلامات.
فالمرض الأول: هو التهاب البروستاتا الميكروبي المزمن ويتميز بغلبة الأعراض البولية على سواها ويشكو المريض من حرقان البول وكثرة عدد مرات التبول وأحياناً صعوبة في نزول البول.
وهذه الأعراض تأتي في هيئة نوبات متكررة ويصبح حدوثها وجود صديد بالبول وميكروبات من نفس النوع الذي يظهر تحليل إفراز البروستاتا والثابت هنا أن البروستاتا بتركيبها المعقد تعتبر هي العش أو الوكر الذي تختبئ فيه الميكروبات منطلقة بين حين وآخر في غزوات محدودة لمنطقة عنق المثانة والجزء الخلفي من قناة مجرى البول وهذا النوع هو الذي يستجيب للعلاج بالمضادات الحيوية مفردة أو مقترنة بالعلاج الموضعي الذي سبقت الإشارة إليه.
والمرض الثاني: هو الالتهاب غير الميكروبي وهو يشكل ما يزيد على خمسين في المائة من مجموع الحالات أي أنه أكثر شيوعاً من سابقه وفيه يعاني المريض من بعض الأعراض البولية وإن كانت الاضطرابات الجنسية تحتل مكان الصدارة ويظهر فحص إفراز البروستاتا عدداً كبيراً من خلايا الصديد يفوق ما يوجد في الالتهاب الميكروبي على أن مزرعة الإفراز تظهر وجود ميكروب به.
ويعرف الأطباء جيداً أنه قد يتصادف ظهور ميكروب في المزرعة من نوع غير مسبب للمرض ، لاسيما وأن بعض الميكروبات البريئة تعشش أحياناً في الجزء الطرفي من قناة مجرى البول وربما تسربت إلى الإفراز في أثناء مروره بها عند أخذ العينة للتحليل دون أن تكون سبباً في الالتهاب أو الصديد ومثل هذه الحالات هي بلاشك غير ميكروبية.
على أن بعض المعالجين يلتقطون هذا الأمر العارض ويمطرون المريض بالمضادات الحيوية فتواجههم الحقيقة وهي أن الصديد لا يقل ولا يزول والأعراض باقية كما هي ويبدو أن المضادات الحيوية هي نوع من الجري خلف شبح وهمي وسراب خادع.

خريطة دليل البروستاتا السابق