العلاج الجراحي (1)


تعد عملية الاستئصال الجراحي لتضخم البروستاتا الحميد من العمليات العريقة التي بدأ إجراؤها في القرن الماضي ولم تزل تدخل على أسلوبها التحسينات والتطورات بقدر معطيات التقدم العلمي والتكنولوجي حتى أصبحت عملية مأمونة إلى حد بعيد.
ورغم ما قررنا حين بدأنا الكتابة في هذا الموضوع من إعفاء القارئ من التفاصيل الجراحية والأرقام والإحصاءات التي قد لا تعنيه وإنما توقعه في بلبلة وتثير في ذهنه قلقاً لا مبرر له ـ إلا أن كثرة ما يواجهنا من أسئلة المرضى واستفساراتهم حين ننصحهم بإجراء العملية تدفعنا إلى توضيح بعض الأمور.
إن الهدف من الجراحة ـ أياً كان أسلوبها ـ هو استئصال التضخم كلية مع عدم المساس بالحافظة الجراحية التي هي النسيج الأصلي للبروستاتا وقد أصابه التليف والضمور وقد حرصنا على بيان هذا عند شرح التغيرات التي تحدث في حالات التضخم الحميد.
وهناك نوعان رئيسيان من العمليات يتحقق بهما هذا الهدف:
أما النوع الأول فهو الجراحة التقليدية التي تتم من خلال شق في جدار البطن تحت السرة (شق فوق العانة) يشمل الجلد والعضلات وربما كان طولياً أو مستعرضاً حسب ما يفضله الجراح ويقوم الجراح باستئصال التضخم عن طريق دفع إصبعه في الخط الفاصل بين التضخم والحافظة الجراحية وذلك أشبه بمن يمر بإصبعه بين البرتقالة والقشرة لتخليصها من بعضهما البعض والبرتقالة هنا هي النسيج التضخمي والقشرة هي الحافظة الجراحية ومن هنا فإن التضخم يزال كاملاً ككتلة واحدة مما يجعل احتمال السهو عن جزء منه ضئيلاً للغاية.
والنوع الآخر من الجراحة هو الاستئصال بواسطة المنظار الجراحي القاطع (الرزكتوسكوب) وفي هذا الأسلوب لا يقوم الجراح بفتح جدار البطن أو غيره وإنما يولج المنظار القاطع خلال قناة مجرى البول ومن فتحتها الخارجية المعروفة ويبدأ في قطع التضخم بهذه الآلة التي تنتهي بسلك أشبه بحدوة الحصان يصل إليه التيار الكهربي فيجعله ساخناً إلى درجة الاحمرار ويحركه فوق التضخم المراد استئصاله منغرساً فيه جيئة وذهاباً وفي كل مرة يقطع ما يعادل استدارته من النسيج فهو أشبه بالفارة التي يستعملها النجار في الاقتطاع من اللوح الخشبي وناتج العملية أن يستأصل التضخم لا قطعة واحدة وإنما في هيئة عدد من الشظايا الصغيرة بقدر حجم التضخم المستأصل ،تسقط قطعة في تجويف المثانة ويقوم الجراح بشفطها من خلال المنظار وتتم كل هذه الخطوات تحت نظر الجراح من خلال عدسة المنظار أو على شاشة تليفزيون متصلة بالعدسة وينهي الجراح استئصاله حين تبدو لعينه ألياف الحافظة الجراحية فيعلم أنه قد تم له إزالة التضخم تماماً ، فالاستئصال المنظاري عملية بكل معاني الكلمة ولا صحة لما يقوله المريض من أنه لا يوافق على العملية ويفضل المنظار فهذا الأخير جراحة كاملة وإن كانت بغير جرح في البطن وربما سألنا مريض: أي العمليتين أفضل؟

خريطة دليل البروستاتا السابق