أولاً: الحساسية الاستنشاقية 7ـ التلوث البيئي والربو الشعبي

لعل من أهم أسباب ارتفاع نسبة الإصابة بالربو الشعبي في كثير من دول العالم ، وفي مصر بصفة خاصة ، هو الزيادة الملحوظة في نسبة تلوث الهواء في السنوات الأخيرة.
((في إحصائية لمنظمة الصحة العالمية عن معدل تلوث الهواء على مستوى عواصم العالم ، جاءت القاهرة في المرتبة الثالثة بعد مدينتي نيو مكسيكو ولوس أنجلوس))
ومن أهم عناصر التلوث الهوائي الوثيقة الصلة بارتفاع معدلات الإصابة بالربو الشعبي وحساسية الجهاز التنفسي ، زيادة نسب الأتربة والغازات الضوئية الكيميائية مثل الأزون وثاني أكسيد النيتروجين ، والغازات المتخلفة عن عمليات الصناعة مثل أكسيد الكبريب ، هذا إلى جانب مصادر التلوث الداخلي مثل التراب المنزلي ودخان السجائر والغازات الناتجة عن طهي الطعام.

وتجدر الإشارة إلى أن غاز الأوزون الأرضي ، وهو من أهم الغازات الضوئية الكيميائية الملوثة للهواء ، كما أسلفنا ، ينتج من تفاعل معقد بين أشعة الشمس وعوادم السيارات والمركبات بأنواعها كأكاسيد النيتروجين والهيدروكربونات. وتشير إحدى الإحصائيات الأخيرة إلى أن عدد المركبات التي تسير في شوارع القاهرة حولي مليون ، ولنا أن نتخيل حجم الزيادة المترتبة على ذلك في معدلات الغازات الضوئية الكيميائية بالبيئة ، حتى أنها تعدت بمراحل الحدود المسموح بها عالمياً ، ورغم أن منظمة الصحة العالمية قد وضعت حد أقصى للتعرض لغاز الأزون ، وهو 120 جزءاً في البليون لمدة ساعة واحدة على مدار السنة ، فإن بعض القياسات التي أجراها المركز القومي للبحوث تشير إلى أن نسب الأوزن تتعدى هذا الحد بكثير ، خاصة في فصل الصيف . بل إن معدلات غاز الأوزون قد تقترب من هذا الرقم طوال 6 أو 8 ساعات يومياً ، مما يشكل خطراً على الجهاز التنفسي للمواطنين خاصة المرضى منهم بحساسية الربو الشعبي وحساسية الأنف.

وقد أثبتت الأبحاث العملية الحديثة أن غاز الأوزون له تأثير قابض للشعب الهوائية لمرضى الربو بالذات ، عند أدائهم لأي مجهود بدني ، كما أنه يزيد من درجة تأثر الشعب الهوائية بمسببات الربو كالأتربة والفطريات وغيرهما.

وهناك نتائج مشابهة بالنسبة لغاز ثاني أكسيد الكبريت ، خاصة في أماكن انبعاثه في المناطق الصناعة كمنطقة حلوان.

وفيما يتعلق بغاز ثاني أكسيد النيتروجين ، فإن الحدود القصوى للتعرض له ينبغي ألا تتعدى 200 جزء في البليون لمدة ساعة واحدة على مدار السنة ، وتعتبر عوادم السيارات من أهم المصادر الخارجية لهذا الغاز ، حيث يشكل أحد مكوناتها بالإضافة إلى الهيدروكربونات والرصاص وغيرهما. أما في المنازل ، فهو ينبعث أثناء طهي الطعام باستخدام الغاز الطبيعي أو البوتاجاز ، حيث قد تتعدى نسبته في هذه الحالة 500 جزء في المليون.

ورغم أن غاز ثاني أكسيد النيتروجين غير ضار بالأصحاء ، من زاوية أنه لا يسبب انقباض الشعب الهوائية بالنسب المتاحة منه بالبيئة ، فإن له تأثيراً سيئاً على المرضى بحساسية الجهاز التنفسي ، إذ أنه يزيد من درجة استجابة الشعب الهوائية لمسببات الحساسية ، كما أنه يعمل على إضعاف الجهاز المناعي ، وبالذات في الأطفال ، فتكثر الإصابة بالنزلات الشعبية الفيروسية والبكتيرية.

وإذا طالت فترة تعرض الإنسان للغازات الضوئية الكيميائية عموماً ، كثاني أكسيد النيتروجين والأوزون ، فقد تحدث تغيرات وظيفية مهمة في الخلايا الطلائية المبطنة للشعب الهوائية ، فتتحول من طبقة وقائية مهمتها حماية الجسم من الأمراض إلى خلايا مفرزة للمواد الالتهابية (أي المساعدة على حدوث الالتهاب) كالسايتوكاينز واللوكوتراينز وغيرهما ، مما يضر بالجهاز التنفسي ويزيد من تعرض الشعب الهوائية للنزلات الالتهابية والربوية.
خريطة دليل الحساسية السابق