ثالثاً : حساسية العقاقير

لا تمثل أمراض الحساسية الناجمة عن العقاقير سوى نسبة صغيرة من أمراض الحساسية عموماً ، ومع ذلك فهي تكتسب أهمية خاصة من الوجهة الطبية لشدة أعراضها ومضاعفاتها وصعوبة تشخيصها . ولعله من المهم هنا أن نفرق بين الحساسية لعقار معين ، وبين عدم تحمل أجهزة الجسم له.

فالحالة الثانية تنشأ إما من تناول جرعات من العقار تزيد على الجرعات التي يصفها ، أو من وجود مرض عضوي بالجسم ، أو من حدوث تفاعل بين العقار وعقاقير أخرى يتعاطاها الشخص لدواعي مرضية أخرى . أما حساسية العقاقير فتظهر نتيجة تفاعلات مناعية معينة بالجسم.

وحساسية العقاقير يمكن أن تصيب أي جهاز من أجهزة الجسم بأعراض مختلفة ، تبعاً للعضو الذي يؤثر فيه العقار:

ــ الجهاز الهضمي : قئ وإسهال ، آلام بالبطن أو مغص أو غثيان .

ــ الجلد : حكة بالجلد ، طفح ، أرتيكاريا ، إكزيما . وقد يظهر الطفح في صورة شبيهة بطفح الحصبة ، كما في حالات الحساسية للمضادات الحيوية وأهمها البنسلين.

ــ الجهاز العصبي : صداع ، عدم تركيز ، غيبوبة.

ــ الجهاز الدوري : زيادة في ضربات القلب أو عدم انتظامها ، هبوط أو ارتفاع في ضغط الدم.

وفي بعض الحالات ، قد يصاب المريض بصدمة حساسية ، أو بما يعرف بـ"فرط حساسية" ، وهي من الحالات التي تستلزم علاجاً سريعاً.

وتظهر أعراض الحساسية بعد أن يتحد العقار مع مواد بروتينية داخل الجسم ، ويصبح بذلك أنتيجينا يثير الجهاز المناعي للجسم ويدفعه للعمل ضده.

وللوصول إلى تحديد نوع العقار المسبب للحساسية ، فإنه تجرى أبحاث واختبارات مختلفة . وفي كثير من الحالات قد لا نصل إلى نتيجة مؤكدة. ففي حالة عقار البنسلين مثلاً ، يخضع المريض لعدة اختبارات جلدية ، تستخدم فيها المادة الفعالة للعقار عن طريق الوخز أو الحقن . ومن الخطأ إجراء هذه الاختبارات باستخدام العقار كاملاً بدلاً من المكون الفعال له ، حيث قد يؤدي ذلك إلى نتائج إيجابية مضللة وغير صحيحة. وهناك شركات للأدوية متخصصة في تحضير الجزء الفعال من عقار البنسلين على هيئة مسحوق قابل للذوبان في محلول خاص . وقد يتعرض بعض المرضى لحالات الحساسية المفرطة أثناء إجراء هذه الاختبارات ، فيتصببون عرقاً وينخفض ضغط الدم لديهم ،وقد يصابون بالإغماء.

وفي كثير من الأحوال لا يصاحب حالات حساسية العقاقير ، ارتفاع في نسبة الجسم المناعي "IgE" الكلي ، كما أن تحليل الجسم المناعي "IgE" الكمي لا يفيد كثيراً.

وقد نلجأ في بعض الحالات إلى ما يعرف بــ"الاختبارات الجلدية بالملامسة" . وذلك بوضع كمية من العقار على شريط لاصق (بلاستر) ثم يلصق على ظهر المريض لمدة 72 ساعة. فإذا ظهر طفح أو بثرات على جلد المريض مع وجود حكة جلدية ، كان ذلك مؤشراً على وجود حساسية لهذا العقار.

وقد تظهر الحساسية من استخدام بعض العقاقير موضعياً ، مثل قطرات العين أو كريمات الجلد.وفي حالة وضع الكريم على جلد ملتهب ، فإن ذلك يزيد من حدة أعراض الحساسية.

كما قد يتعرض بعض المترددين على عيادات الأسنان للإصابة بحساسية العقاقير. فالبنج الموضعي الذي يعطى للمريض قبل إجراء حشو أو خلع الأسنان ، قد يؤدي إلى ظهور حالات حساسية مفرطة . لذلك يجب على المريض الذي له تاريخ سابق للإصابة بالحساسية بسبب البنج الموضعي ، أن يلجأ لعلاج أسنانه إلى مستشفى تتوافر فيه جميع الإمكانيات اللازمة لمواجهة حالات الحساسية المفرطة.
خريطة دليل الحساسية السابق