عوامل تساعد على قصور الشرايين التاجية :أولاً الوراثة


أهم عامل يساعد على حدوث قصور مبكر في الشرايين التاجية هو العامل الوراثي ، حيث تكون هناك قابلية لدى الجسم لترسيب الكولسترول بشراسة على جدار الشريان ، وبدرجة كبيرة عن المعتاد ، مما يؤدي إلى ظهور أعراض قصور بالشرايين التاجية في سن مبكرة ، ومن الممكن جداً إذا تم تحليل الكولسترول في دم هؤلاء المرضى أن نجده عند المعدل الطبيعي ، وهنا يكون سبب ترسيب الكولسترول والدهنيات في جدار الشريان ليس لارتفاع نسبته في الدم ، ولكن لأن الكولسترول الموجود في الدم عنده قابلية غير طبيعية للأكسدة (Oxidation) ويكون جدار الشريان التاجي نفسه ذا استعداد لترسيب الكولسترول ، مما يؤدي إلي  الإصابة بالمرض في سن مبكرة ، وعملية الأكسدة هذه في غاية الأهمية حيث أن الكولسترول لا يترسب في جدار الشريان إلا إذا تمت عملية الأكسدة أولاً .
وبالتأكيد فكل من يعرف شخصاً ما يهتم جداً بصحته ولا يدخن ولكن أصابته أمراض الذبحة الصدرية في سن مبكرة دون أي مقدمات وأتذكر هنا قصة شاب في العشرينات من العمر ، رياضي ملتزم ولا يدخن ولكنه أصيب بجلطة في الشريان التاجي ، بل احتاج بعدها لإجراء عملية جراحية لزرع الشرايين التاجية ، وقد أذهل الجميع بمن فيهم الأطباء المعالجين !! وإلى الآن لا توجد تحاليل أو اختبارات تستطيع أن تحدد بدقة إمكانية حدوث المرض ، ومازالت البحوث جارية في هذا المجال ، وتتجه الأنظار حالياً إلى نوع جديد من أنواع الكولسترول والذي يسمى بـ "لاي بوبروتين.أ" Lp(a) .وهو يختلف في خصائصه عن باقي أنواع الكولسترول في الدم ، حيث أنه لا يتأثر بالمأكولات ونسبة الكولسترول الموجودة به !! بل إنه لا يتأثر بممارسة الرياضة بانتظام أو أي عوامل أخرى ، وبمراجعة بعض البحوث في هذا المجال وجد أن هذا النوع من الكولسترول مرتبط بزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الشرايين التاجية .
وقد نشرت عدة بحوث في غاية الأهمية في هذا المجال ، أولها بحث تم في الولايات المتحدة الأمريكية على حوالي 15000 طبيب تتراوح أعمارهم ما بين 40ـ84 عاما ولم يصب أحدهم بأمراض الشرايين التاجية من قبل ، هذا وعند القيام بالدراسة لم يستطع البحث أن يجد أي علاقة بين هذا النوع من الكولسترول واحتمالات الإصابة بالذبحة الصدرية بعد متابعة استمرت سبع سنوات كاملة ! ، كذلك أكدت تلك النتيجة آخر البحوث في هذا المجال والتي تمت عن طريق استخدام أحدث وسائل التكنولوجيا الحديثة والمتمثلة في إدخال قسطرة داخل الشريان التاجي عليها منظار لتصوير الشريان من الداخل بالموجات الصوتية ، حيث لم يستطع هذا البحث أيضاً أن يقدم أدلة قاطعة على العلاقة بين تواجد هذا النوع الجديد من الكولسترول في الدم والإصابة بأمراض الشرايين التاجية .
ومازال هناك العديد من البحوث في هذا المجال لتحديد الدور الحقيقي لهذا النوع من الكولسترول ومدى مسئوليته عن الإصابة بأمراض الشرايين التاجية .
كذلك هناك العديد من البحوث التي تحاول أن تصل إلى العلاقة بين نوع الجينات اكتشف حديثاً يوجد عند بعض الأفراد ويبدو أنه قادر على حماية الشرايين من ترسيب الكولسترول ويسمى هذا النوع من الجينات بــapo-IV-2 gene . وعند دراسة هذا النوع من الجينات وجد أنه قادر على حماية الشرايين من ترسيب الكولسترول والدهنيات على جدارها رغم تعرضها لجرعات كبيرة من الكولسترول يومياً .
كذلك فإن هناك بعض العائلات التي تتعرض لبعض الجينات المرضية disease genes  مما يجعل الجسم غير قادر على التخلص من أية زيادة في الكولسترول ، وإذا تم تحليل نسبة الكولسترول في دمهم سوف نجده مرتفعا إلى 10 أضعاف المستوى الطبيعي ! وللأسف كثيراً ما تظهر عليهم أمراض الشرايين التاجية في سن مبكرة جداً وقد تبدأ من سن الطفولة ! وتلك بالطبع حالات نادرة جداً ولكنها تؤكد بشكل قاطع على أهمية عنصري الوراثة والكولسترول في الإصابة بهذا المرض الخطير ، وتجدر الإشارة هنا إلى أن عنصر الوراثة هو العنصر الوحيد من العناصر المساعدة على الإصابة بأمراض الشرايين التاجية الذي لا يمكن تلافيه حتى الآن ، فالمدخن قد يقلع عن التدخين ، والمريض بارتفاع ضغط الدم يستطيع أن يتعاطى الأدوية القادرة على السيطرة على الضغط ، ولكن عنصر الوراثة يأتي من الوالدين وبالتالي لن يتغير أبداً ولذلك فالشخص الذي يوجد في العائلة تاريخه المرضي لهذا الداء يجب أن يعمل بجدية على تلافي جميع العوامل المساعدة الأخرى للحد بقدر الإمكان من احتمالات الإصابة بأمراض الشرايين التاجية.