وظائف الكبد في الطفل تختلف كثيراً عنها لدى البالغ ، فإنزيمات الكبد في الطفل تكون نسبتها عادة مرتفعة ، وبخاصة إنزيم الفوسفاتاز القلوي ، لأن له مصدراً ثانياً غير الكبد ، وهو نمو العظام ،وعلينا أن نذكر ذلك إذا وجدنا نسبته مرتفعة في الطفل أو في سن البلوغ ،أما البليروبين ،وهو صبغ الصفراء ، فيختلف تكوينه ونسبته (أي إلى مقترن مباشر ، وغير مباشر ) في حديث الولادة ( أي الوليد) عنهما لدى البالغ .
أ ـ يرقان الوليد (Icterus Neonatorum)
ظاهرة شائعة في الأطفال حديثي الولادة وسبب معظمها ارتفاع نسبة البليروبين غير المقترن (غير المباشر) في الدم ، في يرقان اليومين الأولين من الولادة ، يكون السبب عادة عدم التوافق بين دم الأم ودم الجنين ، وبخاصة ما يعرف بـ "عامل زيزس RH FACTOR" ،والقصة التقليدية أن يفلت الطفل الأول (البكر ) من اليرقان ، ثم يظهر اليرقان في الوليد الثاني بعد أن تتمكن المناعة وتقوم الأجسام المضادة بتحليل الكرات الحمراء في الجنين ، ولتجنب ذلك ، على الأم أن تفحص جيداً من الناحية المناعية (السيرولوجية) لاستبعاد ذلك ، أما ما يسمى باليرقان الفسيولوجي فيظهر عادة في اليوم الثالث إلى السابع من الولادة ، خاصة في المبتسرين ، ويعالجون بتعرضهم لضوء ذي طول موجة خاصة ، وأما يرقان الأسابيع التالية فأسبابه متعددة ، منها التشوهات الخلقية أو العائلية التي تسبب تحلل كرات الدم الحمراء ، كما في نقص المسئول عن فوسفات جلوكوز6 (G6PD ) ، والشائع في آكلي الفول في منطقة البحر الأبيض المتوسط ، ومنها أيضاً تلوث السرة بالميكروبات عند الولادة ، وهناك مرض خطير ولكنه نادر ، هو اليرقان النووي KERNICTRUS ، وفيه يتسرب البليروبين من الكرات الحمراء المنحلة ، ويتركز في نوى الدماغ والحبل الشوكي ،فيتلف الجهاز العصبي ، ويموت 70% من هؤلاء في الأسابيع القليلة الأولى ، والناجون يعيشون ضحايا تخلف المخ والعقل .
أما البليروبين المقترن (المباشر) فله أيضاً أنواع من يرقان الوليد ، منها ما سببه العدوى بالفيروسات أو البكتريا ، او سببه أخطاء أيضية (ميتابولزمية) مرتبطة بمادة الجلاكتوز أو نقص إنزيم ألفا 1أنتي تربسين الذي قد يؤدي إلى تليف الكبد ، أو قد يكون السبب هو مركبات الساليسلات والأسبرين فيما سمى"مرض راي REYE'S SYNDROME" ، ومعظم تلفه في الجهاز العصبي ، وأخيراً هناك مرض غير شائع ولكنه خطير ،وهو الرتق (الانسداد الخِلقي) في القنوات المرارية BILIARY ATRESIA ، وإن كانت بعض حالاته ناجمة عن عدوى تصيب الجنين ، هذا الانسداد قد يصيب القنوات المرارية في داخل الكبد أو خارجها ، ويبدأ اليرقان عادة منذ الأسبوع الأول للولادة ، ويستمر ويزداد بلا هوادة ، فالبول قاتم ، والبراز فاتح اللون ودهني ،والحكة (الهرش) شديدة ، وإنزيمات الكبد مرتفعة ، وكذلك ترتفع نسبة الكولسترول في الدم وقد يكون أورام صفراء على الجلد ، والعظم يلين ، أكثر هؤلاء الأطفال يموتون قبل نهاية السنة الثالثة ، وقلة قليلة تصلح للعلاج الجراحي .
خريطة دليل الكبد | السابق |