تشحم الكبد دهنياً إذا زادت نسبة الدهن عن 5% من وزنه ، معظم هذا الدهن من نوع ثلاثي الجلسريد ، وسبب تراكمه إما خلل ذاتي في كيمياء الخلايا الكبدية ، وإما إتخام الكبد بالوارد إليه من المواد الغذائية ، دهناً كانت أو كربوهيدرات .
ونحن نميز بين نوعين رئيسيين من تشحم الكبد :
1ـ كبير الحويصلات الدهنية ، حيث قطرات الدهن في الخلايا الكبدية كبيرة الحجم .
2ـ صغير الحويصلات الدهنية ، حيث قطرات الدهن صغيرة، هذا التمييز يعتمد على الفحص المجهري لعينة من الكبد ، ولكل من هذين النوعين أسبابه وعلاماته الإكلينيكية ، وأحياناً يجتمع النوعان في كبد مريض واحد .
الكبد الدهني كبير الحويصلات له أسباب كثيرة ، سنقتصر على أهمها :
البدانة(السمنة) :
تشحم الكبد يتناسب طردياً مع الزيادة في وزن الجسم ، لأن مخزون الدهن في البدن يتحلل إلى أحماض دهنية وجلسريدات تغرق الكبد فيختل توازنه ، كبد البدينين عادة حميد العاقبة ، ووظائفه الكيميائية طبيعية أو شبه طبيعية ، إلا أنه قد يتحول إلى تليف ، خاصة إذا صاحبه مرض السكر (البول السكري) أو إدمان الخمر ، وعموما يستطيع الكبد الدهني أن يستعيد توازنه ويتخلص من دهنه إذا التزم البدين بإنقاص وزنه وتنظيم غذائه "بالريجيم" المناسب.
الكحول (إدمان الخمر) :
تشحم الكبد في شارب الخمر ، قد ينشأ خارجياً من فرط السعرات الحرارية ، أو داخلياً من تكوين الدهنيات في خلايا الكبد ذاتها ، ويزيد من أذاه إذا صاحب ذلك نقص في البروتين أو نقص في فيتامين ب المركب (خاصة ب1 وحمض الفوليك) ، هذا التشحم أكثره دهن كبير الحويصلات ، وأحياناً يكون صغير الحويصلات ،وبمرور الوقت قد يتحول إلى تليف (انظر : تليف الكبد).
مرض السكر (البوال السكري) :
يقوم الكبد بدور رئيسي في أيض المواد الكربوهيدراتية (النشوية والسكرية ) وتنظيم نسبة السكر في الدم ، ففيه ينحل الإنسولين ويتجمع الجليكوجين (وهو المخزن الرئيسي لرصيد الكربوهيدرات في الحيوان حتى سمي بالنشا الحيواني ) لا غرو إذن أن يؤثر الكبد ويتأثر بمرض السكر .
نحن نميز عادة بين نوعين من مرض السكر :
1ـ النوع الأول ، الذي يعتمد على الإنسولين ، ويصيب عادة صغار السن (الأحداث والشباب) .
2ـ النوع الثاني ، الذي لا يعتمد على الإنسولين ، ويصيب عادة كبار السن .
في النوع الأول : يكون مرض السكر عادة شديد الوطأة ، صعب المراس ، معرضاً للمضاعفات التي أخطرها تكوين المواد الحمضية المعروفة بالكيتون (الأسيتون) ، لأنها قد تفضي إلى الغيبوبة ، هؤلاء المرضى يتضخم فيهم الكبد من تراكم الجليكوجين فيه ، ويعود إلى حجمه الطبيعي متى تمت السيطرة على مرض السكر ، أما تراكم الدهن فيه فدوره محدود في مرضى النوع الأول .
أما مرضى النوع الثاني فنسبة السكر فيهم عادة خفيفة ، معظمهم بدينون ، وأكثرهم يمكن علاجهم بالتحكم في غذائهم وإنقاص وزن الجسم ، في هؤلاء الناس يتضخم الكبد من تراكم الدهن فيه ، ويكون من النوع كبير الحويصلات ، وملمس الكبد عند فحصه يحس كبيراً ، جامداً بعض الشئ ناعماً ، غير مؤلم ، ووظائف الكبد قد تختل قليلاً .
وهناك أيضاً العلاقة الوثيقة بين تليف الكبد ونسبة السكر في الدم ، مرضى تليف الكبد ، قد ترتفع فيهم نسبة السكر في الدم بالرغم من ارتفاع نسبة الإنسولين فيه ،وهم لذلك ليسوا مرضى بداء السكر بالمعنى الأصيل فأعراض مرض السكر (العطش الشديد ، البوال ، ........إلخ ) تكون عادة منتفية ، ومستوى سكر الدم في الصائم طبيعي ، هؤلاء علينا ألا نقتر عليه في إعطائهم حاجتهم من الكربوهيدرات ، خاصة حالات الغيبوبة الكبدية لأن لها الاعتبار الأول ، وطبعا يمكن اللجوء إلى علاج السكر التقليدي (تنظيم الغذاء ، الإنسولين ، مركبات السلفونيل يوريا ، ولكن ليس مركبات ثنائي الجوانيد ) متى تأكد لنا أن المريض مصاب بداء السكر الأصيل .
هناك أخيراً نوع من تليف الكبد سببه تراكم الحديد (انظر تليف الكبد )، يصيب فيه أيضاً البنكرياس، ويعالج فيه بالأنسولين والعلاج التقليدي لمرضى السكر.
نقص البروتين : سبب شائع يصيب الملايين من فقراء البلاد الاستوائية ومناطق المجاعات ، أبشع أشكاله هو المرض المسمي "كواشيوركور Kwashiorkor " [كلمة في لغة غانا معناها"الولد الأحمر"] يصيب الأطفال في سن 6ـ 18 شهراً ، أي بعد الفطام وحرمان الطفل من بروتين اللبن واعتماده كلياً علي السكريات والنشويات ،يفقد الطفل شهيته ، ويتوقف نموه ،يحمر جلده ويتقصف شعره ، ويتورم بالماء وينتفخ بطنه ،ويصبح فريسة سهلة للعدوى بالميكروبات والطفيليات كالملاريا والإنكلستوما ، يتضخم الكبد وتشحم بالدهن كبير الحويصلات .
الآثار الجانبية لبعض الأدوية : قد تسبب تشحم الكبد ، أهمها مركبات الكورتيزون والهرمونات الجنسية ،أما تشحم الكبد بالدهن صغير الحويصلات فأسبابه كثيرة ، منها اليرقان بأنواعه المختلفة ،والفشل الكلوي ،والغيبوبة ، وكلها يتأكد تشخيصها بالفحص المجهري لعينة من الكبد .
خريطة دليل الكبد | السابق |