أكثر المرضى يصابون بالبلهارسيا في مرحلة الطفولة أو المراهقة، إلا أن المرض المتمكن تكتمل صورته في ريعان الشباب وأوج العمر، والذكور طبعاً، بحكم عملهم وسلوكهم، أكثر تعرضاً وإصابة من الإناث.
يمر المرض بمرحلة مبكرة ، قد لا يحس بها أبناء الريف وأهل البلد ، إلا أن الغرباء يتأثرون بها عادة ، هذه هي مرحلة اختراق"السر كاريا" (مذنبات الديدان) في جلد المريض ثم جولتها في الجسم قبل أن يكتمل نموها ،أهم الأعراض : حكة في الجلد ، ارتفاع درجة الحرارة ، ضيق النفس أو سعال جاف ، تضخم بسيط في الكبد والطحال ، ثم زيادة ملحوظة في كريات الدم البيض المعروفة بآلفات الإيوسين ، وهي العلامة المميزة لفرط الحساسية (الأرجية) ، هذه المرحلة تعتمد على التشخيص السيرولوجي للدم لأن البحث عن البويضات في البراز أو في جدار الأمعاء لا يجدي ، والعلاج بدواء برازيكوانتل.
أما المرض المتمكن ، بعد نضوج الديدان وانتشار البويضات إلى الأمعاء والكبد ، فعلاماته الرئيسية تبدو في الكبد والطحال ، هذه مرحلة تكوين التورمات الحبيبية في المسارات البابية ، فيصبح الكبد كبيراً وجامداً ، ويصاحبه تضخم متوسط الحجم في الطحال ، وتكون أعراض الأمعاء واضحة :ألم أو إسهال أو انتفاخ ، هذه المرحلة يمكن أن تعالج بالدواء المناسب (برازيكوانتل أو أوكسامنيكوين) علاجاً فعالاً ، خاصة إذا تجنب المريض التعرض للعدوى من جديد.
أما إذا استمر المرض وتحول الكبد من مرحلة التورمات الحالمختلفة،مرحلة التليف البابي ، فإن الكبد ينكمش ويصغر حجمه فلا يحس ، ويقابل ذلك تضخم مطرد في الطحال مع ارتفاع الضغط في الوريد البابي ، وتبرز الدوالي (أي الأوردة المحتقنة) في أسفل المرئ ، وقد تمتد إلى قاع المعدة وتصبح مهددة بالنزف منها ، أو يرشح المصل من الدم أو اللمف إلى تجويف البريتون ويكون هذا هو الاستسقاء .
كل هذه مظاهر معروفة لتليف الكبد بصرف النظر عن أسبابه المختلفة ،وسنشرحها بتفصيل أكثر في "تليف الكبد".
إلا أن بلهارسيا الكبد لها سمات خاصة نوجزها في النقاط التالية:
1ـ بلهارسيا الكبد ، يتركز أذاها على الأوردة والمسارات البابية ،بينما تظل الخلايا الكبدية نفسها سليمة حتى المرحلة الأخيرة ، وهي بذلك تختلف كثيراً عن التهاب الكبد الفيروسي الذي يقع عبؤه الأكبر على الخلايا الكبدية .
2ـ استتبع ذلك ، أن ارتفاع الضغط في الوريد البابي علامة بارزة في تليف الكبد البلهارسي ، فالطحال عادة أضخم من طحال تليف الكبد الفيروسي ، ودوالي المرئ مبكرة وناتئة .
3ـ يقابل ذلك أن وظائف الخلايا الكبدية تظل سليمة إلى مرحلة وأعراضه،فاليرقان ، والأوديما من انخفاض زلال الدم ، والغيبوبة الكبدية ، كلها أمور نادرة في تليف الكبد البلهارسي البحت.
4ـ وهذا لا يتعارض أحياناً مع وجود تدهور في وظائف الكبد وأعراضه ، لأن بلهارسيا الكبد تمتزج كثيراً مع فيروسات الالتهاب الكبدي ، وخاصة من النوعين ب ، ج ويساعد هذا على تشبثها واستمرار الكبد.
5 ـ مريض البلهارسيا لا يعاني من أعراض الكبد فقط، لأن للبلهارسيا مظاهر أخرى متعددة:
إصابة الأمعاء تؤدي إلى عسر الهضم ، والانتفاخ ، واضطراب البراز ،وقد تتفاقم إلى أعراض الدسنطاريا ، كالتعني وخروج الدم في البراز.
بلهارسيا الجهاز البولي ، علامتها المشهورة البول المدمي ، أما إذا تقدم المرض ، فله مضاعفات خطيرة في الكلية والحالب والمثانة ومجرى البول ، ليس هذا مجال تفصيلها ، إلا أن نوعا معيناً من "الكلاء" قد يصاحب بلهارسيا الكبد ،ويكون سببه اضطراباً مناعياً يلهب الكلى ، ويسمح لبروتينات الدم بأن تتسرب إلى البول ، فيتجمع الماء في الجسم ويتورم (وهو الأوديما).
بلهارسيا الرئة والقلب، لها أيضا مضاعفاتها، وقد تصاحب بلهارسيا الكبد، إلا أن حدوثها الآن أصبح نادراً بعد انتشار العلاج المبكر للمرض.
هناك أيضاً حمى طويلة تتخللها نوبات من القشعريرة تشبه أدوار الملاريا ، سببها ميكروب التيفود والباراتيفود ، تصيب أحياناً مرضى بلهارسيا الكبد ، وتتخذ لها مساراً مزمناً يختلف عن مسار الحمى المعروفة ، لأن الميكروب يكمن في جسم الدودة ويصعب اقتلاعه من الدم إلا بعد علاجه وعلاج الدودة في الوقت ذاته.
خريطة دليل الكبد | السابق |