أـ دودة البلهارسيا ودورة حياتها

البلهارسيا مرض مصر المتوطن الأول، عايش المصريين منذ أيام الفراعنة، ولا يزال يفتك بالضحايا، ثم هو مرض واسع الانتشار في بلاد العالم الثالث، آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية. 
دودة البلهارسيا لها دورة حياة ، تعتمد في طور منها على قواقع معينة تعيش في ترع النيل ومصارفه ، تخرج من هذه القواقع مذنبات البلهارسيا ، واسمها "سركا ريا" ، تعوم في الماء وتخترق جلد المريض ، وفي جسمه تمر بمراحل نموها حتى تستقر في أوردة المساريقا والوريد البابي . 
ودودة البلهارسيا على ثلاثة أنواع ، نوعان منها يعيشان في مصر : "هيماتوبيوم" الذي يصيب أساساً الجهاز البولي في الإنسان ،و"مانسوني" الذي يصيب الأمعاء والكبد . يكتمل نمو الدودة ذكرا وأنثى ، يتزاوجان ، وتضع الأنثى بيضها ، أكثر هذا البيض يتجه إلى الأمعاء باحثاً عن طريقه مع البراز ، إلا أن بعض هذه البويضات ترتد في فروع الوريد البابي إلى فصيصات الكبد ومساراته البابية ، وهناك تسد البويضات الأوردة الرفيعة ، وتثير حولها التهاباً مناعياً ، تتجمع له الخلايا المناعية ، وتكون ما يسمى بالتورمات الحبيبية ، وبمرور الوقت تتحول هذه التورمات إلى نسيج ليفي مكون من مادة "الكولاجين" ، فتغلظ المسارات البابية وتضيق فروع الوريد البابي ويرتفع الضغط فيه. 
ويشارك الطحال بالتضخم، أولاً من انفعال النسيج الشبكي البطاني فيه ،وثانياً من احتقانه بعد ارتفاع الضغط البابي ، هذا الضغط المرتفع يفتح الطرق الجانبية ، فتتكون الأوردة الموصلة بين الوريد البابي والوريد الأجوف ، وأهمها دوالي المرئ والمعدة ، فقد تنفجر أحياناً ويصبح النزف مصدراً للخطر . هذا التفاعل بين الدودة والإنسان يتوقف على عوامل كثيرة من الطرفين : فنوع الدودة ، وعمرها ، وعدد أفرادها (ومن ثم كثافة إنتاج البيض) ، كلها عوامل حاكمة ، أما الإنسان فلديه التكوين المناعي ، ومستوى التغذية ، والإصابة بالسموم ، أو العدوى بالأمراض المنتشرة في البيئة ومن أهمها فيروسات الالتهاب الكبدي ، لذا فالصورة الإكلينيكية لمرض بلهارسيا الكبد صورة متنوعة ومتغيرة ، إلا أن لها سماتها وعلاماتها التي تميزها من أمراض الكبد الأخرى كالالتهاب الفيروسي مثلاً ، أو كتليف الكبد الناجم من الكحول ، أضف إلى ذلك أن الإصابة بالبلهارسيا في الإنسان ليست قاصرة على الكبد ، فالأمعاء (وخاصة الغليظة ) مشاركة في العبء ، لأن بويضات الديدان تنتشر إلى جدار الأمعاء فتلهبها أو تخترقها في طريقها إلى البراز.
خريطة دليل الكبد السابق