دـ الاستسقاء العنيد(العصي)

نعني بذلك الحالات التي لا تستجيب بسهولة للعلاج التقليدي بالغذاء والمدرات المعروفة ، ونفترض أن السبب في الاستسقاء هو تليف الكبد العادي ، لأن أسباب الاستسقاء كثيرة ، كما أسلفنا (التهاب البرتيون الدرني وغير الدرني ، أورام الكبد والبنكرياس والمبيض وغيرها ، احتقان الكبد في انسداد الأوردة الكبدية ..........إلخ ) ونفترض أيضاً أن العلاج قد استنفذ وسائل إحكام السيطرة على الغذاء قليل الصوديوم ، والجرعة الكافية للأدوية المدرة ، وتكرار بزل البطن وتعويضه بحقن الزلال في الوريد .
مثل هذه الحالات العصية تعني عادة فشلاً ذريعاً في أداء وظائف الكبد ينذر بقرب النهاية ، والإمعان في المزيد من الأدوية المدرة ، سيؤدي لا محالة إلى جفاف الوعاء الدموي ، واختلال الإلكتروليات ،وانهيار وظائف الكلى ، وهو ما نسميه "متلازمة الكبد والكلى" ، أي مزيج من الفشل الكبدي والفشل الكلوي ، ترتفع فيه نسبة البولينا والكرياتنين ، وتنهار نسبة الصوديوم في الدم ، وتصبح الغيبوبة وشيكة الحدوث بسببهما جميعاً . وفي محاولة يائسة لعلاج الاستسقاء العصي ، لجأ البعض إلى تجارب يائسة : هناك مثلاً جهاز "رودياسيت" الذي يرشح سائل الاستسقاء من جزيئاته الصغيرة ، ثم يعيد حقنه إلى الوريد بعد تركيز البروتين فيه ، وهو جهاز مكلف ومحدود الأثر . وهناك أيضاً صمام "ليفين " ، وهو أنبوب يوضع طرفه السفلى في تجويف الحوض لينزح سائل الاستسقاء ، ثم يفرغ طرفه العلوي في الوريد الودجي بالعنق ، ومن ثم إلى الوريد الأجوف العلوي ، وهذا الصمام ملئ بالمشاكل ، قصير العمر ، ويندر استعماله الآن . ثم هناك أنواع الكبد،ليات الجراحية تهدف إلى تصريف سائل الاستسقاء وإعادته إلى الوريد الأجوف لإنعاش جفاف الأوعية الدموية : مثلاً توصيل القناة الصدرية المكتظة باللمف إلى الوريد الودجي أو تحت الترقوة . ثم أخيراً زرع الكبد ، فالبعض يرونه العلاج الوحيد لمثيل هذه الحالات . هناك تقرير غنوعان:قدر أن فرص الحياة بعد سنتين من ظهور الاستسقاء في مريض تليف الكبد لا تتجاوز 40% ، ونعتقد أن الصورة في مصر أكثر إشراقاً ، إذا أخذنا في الاعتبار بلهارسيا الكبد ومضاعفاتها ، ومنها مثلاً تغيرات الكلى التي تترسب فيها الأجسام المضادة في مرضى تليف الكبد البلهارسي وتسبب الكلاء والأوديما والاستسقاء ، هذه الحالات البلهارسية لا تدمر الخلايا الكبدية تدميراً شاملاً ، ويظل أداء الوظائف كفئاً لمدة طويلة ، ويبقى الاستسقاء سنين عدداً .
خريطة دليل الكبد السابق