أـ سرطان الكبد الأولي

أورام الكبد نوعان : حميد ، وخبيث ، والأورام الخبيثة إما أن تكون أولية ، أي ناشئة من الكبد ذاته ، أو ثانوية ، أي بدأت في مكان آخر ثم انتشرت إلى الكبد .
أ ـ سرطان الكبد الأولي :
هذا الورم ينشأ من الخلايا الكبدية ، وهو ورم كان نادراً في الغرب ، ولكنه آخذ في الازدياد ، أما في إفريقيا ودول الشرق ، فهو شائع لارتباطه بتليف الكبد وخاصة بفيروسات الكبد ب ، ج . هذا المرض يصيب الذكور أكثر من الإناث ، عادة بعد سن الأربعين ، ويتفاوت حجمه ومكانه تفاوتاً بيناً ، فقد يكون صغيراً ومحدوداً في أحد فصي الكبد ، أو يمتد إلى الفصين وقد يتغلغل في الوريد الكبدي أو الوريد البابي فيسده ، أو ينتشر إلى العقد اللمفية ومنها إلى الرئة أو العظام ، أو ينفذ إلى الغشاء البريتوني ويسبب الاستسقاء المدمي .

أعراضه قد تكون تافهة لا تذكر : توعك بسيط ، فقد الشهية ، ارتفاع طفيف في درجة الحرارة ، نقص في الوزن ، أو ثقل في مكان الكبد ، إلا أن علينا دائماً أن ننظر إلى مريض تليف الكبد بريبة وحذر شديدين ، إذا تدهورت حالته فجأة دون مبرر واضح ، ولذلك ننصحه عادة بفحصه بالموجات فوق الصوتية وتحليل دالة الورم (ألفا فيتوبروتين) بطريقة دورية كل ستة أشهر ، تحسباً لأي مفاجأة ، لأن العلاج الحقيقي لأي ورم هو التشخيص المبكر ، أما المرض المتقدم فأعراضه واضحة : تضخم بالكبد ، ويكون ملمسه جامداً صلباً كالحجر ، وسطحه معقداً غير أملس ، وقد يكون غير مؤلم ألبته ، وأحياناً نسمع بالسماعة صوت احتكاك أو لغط فوق الورم ، بعض الحالات يصاحبها يرقان ، ونصف الحالات يصاحبها استسقاء ، ويكون عادة مدمي .
 والتشخيص يعتمد على الفحوص التصويرية والمعلمية والباثولوجية ، التصوير بالنظائر المشعة يكشف الورم إذا زاد قطره على 3 سم ، أما الموجات فوق الصوتية فتكشف ما هو أقل من 2سم ، وتكشف أيضاً أي انسداد في الوريد البابي قد يصاحبه ، وهناك طبعاً التصوير بأشعة الكمبيوتر المقطعية ، وبالرنين المغناطيسي إذا لزم الأمر ،أما الأشعة السينية البسيطة ، فقد تبين تحدباً في الحجاب الحاجز الأيمن يشي بوجود ورم في فص الكبد الأيمن ، وأحياناً نلجأ إلى تلوين الشريان الكبدي بقسطرة خاصة لمعرفة كنه بؤرة غريبة في الكبد وتحديد طبيعتها ، لأن الورم السرطاني يكون عادة غنياً بالشرايين ويمكن تلوينه ، ويساعدنا هذا أيضاً في الكشف عن أورام الأوعية الدموية الحميدة ،وتميزها من الأورام الخبيثة .

أما الفحص المعملي ، فيعتمد أساساً علىالفعالة،ألفا فيتوربروتين" ، وهو بروتين في الدم ، ترتفع نسبته أحياناً ارتفاعاً محدوداً في حالات الالتهاب الكبدي الحاد والمزمن ، ولكن ارتفاعه في سرطان الكبد الأولي يكون عادة ارتفاعاً ملحوظاً ، وقد يستمر ارتفاعه مع ازدياد التضخم في الورم ، وبالعكس تنخفض نسبته مع استجابته للعلاج ، وهناك تحاليل معملية أخرى ، كإنزيمات الكبد ، نطلبها لتليف الكبد المصاحب ، أو مؤشرات فيروس الكبد ب أو ج . وأما الفحص الباثولوجي فقد ينجح أحياناً في اكتشاف الخلايا السرطانية في عينة من سائل الاستسقاء ، وأحياناً نضطر إلى إبرة رفيعة لأخذ عينة من الورم موجهة بأشعة الكمبيوتر إذا تعذر التشخيص ، وكان البعض قد اعترض على ذلك ، لأنه قد يساعد على نشر الورم في مسار الإبرة ، ولكن الثقات يؤكدون أن ذلك نادر الحدوث .
العلاج الحقيقي لهذا المرض هو الوقاية الفعالة ، والأمل أن ينجح التطعيم لاستئصال الفيروسات الكبدية ومن عدواها ، لأن العلاقة وثيقة بين تليف الكبد والعدوى بفيروس الكبد ب (وربما ج أيضاً ) وبين ظهور الورم السرطاني الأولي .
أما العلاج الجراحي لاستئصال الورم جذريا ، ففرصه محدودة ، واحتمالات النجاح قليلة ، وورم الفص الأيسر عادة أسهل للجراحة من ورم الفص الأيمن ، وتليف الكبد ليس دائماً مانعاً من الجراحة ، لكن تعدد الأورام في فصي الكبد ، أو تغلغلها في الوريد البابي أو الوريد الأجوف السفلي ، أو ظهور اليرقان ، أو ظهور الاستسقاء ـ فكلها موانع للجراحة .
والبديل الآخر ، هالثانوية:لكيميائي ، أهمه دواء دوكسوروبيسين (أدرياميسين) ، ويحقن مخففاً في الوريد ، بجرعات متكررة ، يحكمها تحاليل صورة الدم ورسم القلب الكهربائي وقياس نسبة الألفا فيتوبروتين ، وأحياناً يوجه العلاج إلى الورم ذاته بحقن الدواء في الشريان الكبدي ، أو بسد الشريان الفرعي الذي يغذي الورم بأمل إضعافه ، وأما زرع الكبد فنتائجه في هذا المرض غير مجدية .
خريطة دليل الكبد السابق