ب ـ العلاج

ـ الأسباب المباشرة للفشل الكبدي وللغيبوبة الكبدية ذكرناها سلفاً ، والكثير منها قابل للتصحيح ، منها مثلاً نزف القناة الهضمية ، والحمى ، والقئ والإسهال ، وإساءة استعمال مدرات البول ، والإفراط في أكل البروتينات أو تعاطي الخمر أو الإمساك ........إلخ

. ـ أما الأسباب الكامنة ، فتختلف باختلاف المرض ، هناك مثلاً الالتهاب الكبدي المداهم ، وفيه ينهار الكبد انهياراً شاملاً ومفاجئاً ، بسبب الفيروسات الكبدية أو الآثار الضارة لبعض الأدوية أو تسمم الحمل ، مثل هذه الحالات يجب أن تعالج بمنتهى الاهتمام والمتابعة المستمرة ، ويفضل أن توضع في مراكز الرعاية المركزة ، لأنها بالرغم من خطورتها إلا أنها قابلة للشفاء التام في كثير من منها . أما أمراض الكبد المزمنة ، وأغلبها التليف ، فلها الراحة والغذاء المناسبان ، ومعظم هؤلاء المرضى يسمح لهم بالنشاط المعتدل وبغذاء يوفر حوالي 2500 سعر حراري لليوم. أما البروتينات ، فلا داعي لحظرها طالما أن المريض لا يعاني من الغيبوبة أو من مقدماتها ، وله أن يتناول 50ـ60 جم بروتين في اليوم ، الخمور ممنوعة بتاتاً ، الفيتامينات قد تساعد أحياناً إذا ظهرت علامات نقصها ، لكن كثيراً من أدوية السوق "التي تنشط الكبد الكسلان " أو " تحميه من السموم " ، معظمها عديم الجدوى ، وبعضها قد يصر ، خاصة إذا احتوت على نسبة عالية من الكولين أو المثيونين ، المنومات ومهدئات الأعصاب يحسن تجنبها إلا للضرورة ، والمنبهات الجنسية بلا فائدة .

ــ في الغيبوبة الكبدية ، وما قبل الغيبوبة ، علينا أن نمنع البروتين منعاً تاماً من الغذاء ، ونعوضه بالسعرات الحرارية اللازمة عن طريق أنبوب المعدة أو في الوريد ، الإمساك عدو لدود ، نغسل القولون بالحقن الشرجية ، ونعطي المريض بالفم دواء لاكتيولوز (وشبيهه لاكتيلول) الذي يلين الأمعاء ويمنع تكوين مادة الأمونيا ، ولنفس الغرض نعطي بالفم أو بأنبوب المعدة دواء نيوميسين (4 جم في اليوم ) ، وهو مضاد حيوي يطهر الأمعاء من البكتيريا التي تنتج الأمونيا ، ويمكن الاستعاضة عنه بدواء باروموميسين أو دواء مترونيدازول .
هناك محاولات سابقة لامتصاص مادة الأمونيا من الدم بدواء "جلوتامين" ، ولكن لم يثبت نفعها .
هناك دواءان آخران لحماية الدماغ من النتائج الضارة المصاحبة للغيبوبة : الدواء الأول هو " بروموكربتين" الذي يساعد في توفير مركبات الدوبامين اللازمة لأداء وظائف الدماغ ،والدواء الثاني هو "فلومازنيل" الذي يحمي خلايا الدماغ من مركبات البنزوديازبين التي قد تؤدي إلى الغيبوبة .
أما الغيبوبة الحادة الناجمة عن فشل الكبد المداهم والمصاحب لانهياره الشامل ، فلها إجراءات استثنائية ، لأن المشكلة ليست قاصرة على مجرد الغيبوبة بل تتضمن أيضا ضياع كل وظائف الكبد الرئيسية : اختلال سوائل الجسم وإلكترولياته ، اختلال توازن الحمضي والقلوي ، اختلال نسبة السكر في الدم ، انهيار تجلط الدم ومضاعفات النزف الشديد ، الفشل الكلوي ومضاعفاته ، انهيار الدورة الدموية والتنفس ، العدوى بالميكروبات المختلفة وصعوبة السيطرة عليها .............إلخ.
لذلك نحن نفضل دائماً نقل مثل هؤلاء المرضى إلى أقسام الرعاية المركزة ، حيث الإشراف الطبي المستمر والفحوص الدقيقة متوافرة ، وحيث المحاليل المختلفة ومشتقات الدم والأجهزة النادرة متاحة ، أحيانا نلجأ إلى تغيير دم المريض تغييراً كاملاً واستبدال دم نقي به ، أو ننقي دم المريض من المواد السامة بإمراره في مصفاة من الفحم النشيط ، أو في أنابيب من الأغشية شبه المنفذة (كما في الغسيل الكلوي) ، ثم هناك إجراء حاسم وخطير ، وهو زرع الكبد ، نلجأ إليه مضطرين إنقاذاً للحياة قبل أن تضيع الفرصة المواتية .
خريطة دليل الكبد السابق