ثانياً: فيروسات التهابات الكبد

هذه على أنواع ، منها ما يسبب أمراضاً معينة كالحمى الصفراء (في إفريقيا الاستوائية وأمريكا الجنوبية ) ،والحمى الغددية ، والحلأ (هربس Herpes) ، إلا أن أكثرها شيوعا هي مجموعة الفيروسات التي تسبب ما يعرف بالتهاب الكبد الفيروسي Viral Hepatitis ، وأفراد هذه المجموعة تسمى بحروفها الأبجدية ، أشهرها خمسة ،وإن كانت حروف الأبجدية قابلة للزيادة مع التعرف على أفراد جدد . 

تنتقل العدوى إلى المصاب بالفيروس إما عن طريق الفم ،بالماء والطعام الملوث بالبراز ،وإما عن غير طريق الفم والأمعاء ـ أي باختراق الجلد أو الغشاء المخاطي كما يحدث بعد الحقن أو نقل الدم ، والتهاب الكبد الفيروسي قد يكون متفرقاً ، أو متوطناً ، أو وبائياً ، و"اليرقان الوبائي" ، كما كان يسمى ، مرض قديم ومذكور منذ أيام أبقراط ، وينتشر هذا الوباء خاصة في ظروف الحرب ، أقربها وباء الشرق الأوسط الذي حصد آلاف الأرواح إبان الحرب العالمية الثانية .

وعندما تبين أن الالتهاب الكبدي سببه فيروسي ، أمكن التمييز بين النوع (أ) المنقول عن طريق الفم ، والنوع (ب) عن غير الفم ، وبقى اعتقاد بين الأطباء بوجود نوع ثالث غير محدد سموه " لا(أ) ولا (ب) " ، إلى أن أمكن التعرف عليه وتحديد طبيعته ، وعلم أنه يشمل أكثر من نوع واحد ، منها الفيروسي (ج) C ، الذي ينتقل من نقل الدم ، والفيروس (هـ) E الذي ينتقل عن طريق الفم ، أما الفيروس (د) أو (دلتا) D ، فهو في الحقيقة فيروس ناقص ، لأنه يعتمد في تكوينه على كسوة من غطاء الفيروس (ب) ، ولذلك لا يصاب به المريض إلا من كان مصاباً أصلاً بالفيروس (ب). 

عندما يهاجم الفيروس الكبد فإنه يشعل فيه التهاباً شاملاً : المناطق المركزية من الكبد تعاني فيها الخلايا الكبدية معاناة خاصة فتلهب و "تتنكرز" ، (أي تموت ) ، والمسارات البابية تحتشد فيها أنواع من الخلايا الالتهابية ، ويظل هيكل النسيج الشبكي للكبد عادة سليماً ، حتى إذا انقشعت المعركة استعاد الكبد خلاياه الجديدة مرصوفة كما كانت ، إلا أن نسبة صغيرة من الحالات يعصف بها المرض عصفاً شديداً ، فتموت الخلايا الكبدية موتاً جماعياً ، وينكمش حجم الكبد وتصبح الحياة مهددة ، هذا الالتهاب الكبدي المداهم Fulminant Hepatiitis قد يشفى تماماً ، أو يتحول إلى التليف ، وقد نجحت المحاولات الحديثة لإنقاذ مثل هؤلاء المرضى المهددين بالموت بزرع الكبد بدلاً من الكبد التالف . وفي حالات أخرى من التهاب الكبد الفيروسي ، يمتد (التنكرز) من المناطق المركزية إلى المسارات البابية ، فينهار الهيكل الشبكي ، وتمتد الجسور الموصلة بين المناطق المختلفة وتتحول إلى حواجز ليفية ، هذا المسار الطويل قد يتوقف شهوراً في حالة من الهدوء النسبي نسميه الالتهاب الكبدي المزمن المثابر Chronic persistent hepatits ، وقد يتخذ مسلكاً نشيطاً وعدوانياً ، فيزداد التنكرز والتليف ، وهو الالتهاب الكبدي المزمن النشيط Chronic active hepatitis ، وتصبح الحالة مرشحة لأن تتحول إلى تليف الكبد Liver Cirrhosis
خريطة دليل الكبد السابق