26 ـ جرب زيت السمك

توجد زيوت السمك في الأسماك والأحياء البحرية الأخرى ، مثل الجمبري وسرطان البحر، وزيت السمك هو النوع من الأحماض الدهنية غير المشبعة متعددة الروابط الثنائية ، وتعرف باسم أوميجا 3 أو أحماض دهنية n-3 وحمض إيكوسابنتونويك (EPA) وحمض دوكوساهيدكوسنيك (DHA) ، كلاهما موجود في السمك ،والنوع الثالث من الأحماض الدهنية أوميجا 3 هو حمض لينولينك ألفا (ALA) الذي يوجد في فول الصويا والجوز وبذر الكتان وليس السمك.
لقد نشرت جمعية القلب الأمريكية في نوفمبر 2000 مراجعة لدليلها الغذائي ،وتمت هذه المراجعة بسبب زيادة حجم المعلومات التي
تقول إن تناول السمك يفيد القلب (وهذا من بين عدة أسباب أخرى) وتول جمعية القلب الأمريكية إن كل الأمريكيين يتناولون على الأقل وجبات تحتوي على أوقيتين أو ثلاث من السمك الدهني كل أسبوع ، فالسمك الدهني مثل : السردين والماكريل والرنجة وسمك القنبر (الأزرق) والتونة يفضل على السمك خالي الدهون مثل : أبو سيف والنهاش وسمك موسى لأنه يحتوي على الأحماض الدهنية أوميجاـ3 ،وهي ما يعتقد أنها المواد المغذية المسئولة عن فوائد السمك للقلب والأوعية .
ولقد نشرت جريدة لانسيت (الطبية ذات الشأن) عام 1989 تجربة تعرف باسم "النظام الغذائي وتكرار الإصابة بجلطة القلب" وقد أجريت تلك الدراسة لاختبار الفرضية القائلة بأن تناول السمك يمكن أن يغير من نتيجة أداء القلب والأوعية ، وشملت 2033 من الرجال الذي تم شفاؤهم من نوبة قلبية سابقة ،وبعد عامين اتضح أن مجموعة الرجال الذين تنالوا السمك الدهني مرتين على الأقل أسبوعياً قلت نسبة الوفاة بينهم بنسبة 29% عن مجموعة الرجال الذين لم يتناولوا السمك.

وثمة دراسة ثانية أحدث ـ من السابقةـ نشرت في 1999 في جريدة "لانسيت" أيضاً ، شملت هذه الدراسة الإيطالية 11324 من المرضى من 172 مركزاً خاصاً بالقلب في أنحاء إيطاليا ، وعند بداية مشاركتهم في الدراسة كان المرضى قد عانوا مسبقاً نوبة قلبية ،وتم تقسيم المرضى إلى أربع مجموعات علاجية ، كانت المجموعة الأولى تتلقى كبسولة واحدة من زيت السمك في اليوم ، أما المجموعة الثانية فكانت تتلقى كبسولة واحدة من فيتامين (هـ) في اليوم ،والمجموعة الثالثة تلقت كبسولات زيت السمك وفيتامين (هـ) ،أما المجموعة الرابعة فلم تتلق لا هذا ولا ذاك ،وفي نهاية ثلاثة أعوام ونصف العام ، حدث انخفاض جذري( مابين 15% و20%) في نسبة الوفيات والنوبات القلبية والسكتة الدماغية للذين تناولوا زيت السمك كمكمل غذائي ،و الشئ الأكثر إثارة هو حدوث انخفاض بنسبة 45% في معدل حالات الموت القلبي عند أولئك الذين يتلقون زيت السمك ، كما كشفت هذه الدراسة أن فيتامين (هـ) لا يوفر أية حماية للقلب والأوعية الدموية.
وهذه المعلومات تكفي كي تشجع أي شخص (ما عدا النباتيين) على تناول الأسماك ، أو التفكير في تناول زيت السمك كمكمل غذائي ،و السؤال هو كيف يقي زيت السمك من أمراض القلب والسكتة الدماغية؟ إن الإجابة عن هذا السؤال ليست أمراً سهلاً، فزيوت السمك لها أثر واضح على نظم التجلط في الدم ، ولها تأثير متواضع على الكولسترول ،والشئ المثير هو قدرة زيوت السمك على تخفيض مستوى الدهون الثلاثية ،وزيت السمك أيضاً يخفض ضغط الدم ولو بشكل بسيط.
وعلى الرغم من أن هذه المدونة تتحدث عن الكولسترول ، إلا أنه يدور أيضاً ـ وإلى حد كبيرـ حول الحفاظ على القلب سلمياً ،ولهذا السبب سوف أبتعد قليلاً عن موضوعنا الأساسي ،وأتحدث عن تأثير زيت السمك على التجلط وكيف يؤثر ذلك في القلب ،على الرغم من أن الدخول في تفاصيل عملية يخرج من نطاق هذه المدونة ، إلا أنه من المهم أن نوضح أن زيت السمك يبدو مؤثراً في قدرتنا على تكوين جلطات بطرق شتى ، وهذا يشمل التأثير على الصفائح الدموية وعوامل التجلط.
إن أناساً مثل شعوب الإسكيمو في جرين لاند ، يتناولون كميات كبيرة من السمك الدهني ، ويعرف عنهم أن صفائحهم الدموية يقل احتمال تكتلها مع بعضها عما هو الحال لدى الأشخاص الذين يتناولون الغذاء الأمريكي المعتاد ، ويقدر العلماء أن هذا أحد الأسباب في أن الإسكيمو يقل لديهم خطر الإصابة بأمراض القلب ، وعليك أن تتذكر أن معظم النوبات القلبية يكون سببها اتحاد ترسب الكولسترول وجلطة الدم ، والصفائح الدموية هي خلايا التجلط الدموي ، لذلك فإن إمكانية جعلها قليلة اللزوجة (أي تقليل تكتلها مع بعضها) يحتمل أن يقلل خطورة التعرض لنوبة قلبية .
كما ثبت أن زيت السمك يزيد من نسبة الدم في منشط البلازمين النسيجي TPA هذه هي نفس المادة التي نعطيها للمرضى في غرفة الطوارئ عندما يحضرون وهم يعانون نوبة قلبية ، ويعرف أيضاً بأنه "مذيب الجلطة" حيث إن منشط البلازمين النسيجي TPA هو مادة طبيعية مذيبة للجلطة ،وكل منا لديه بعض هذه المادة في مجرى الدم ، ولكن يبدو أن الذي يتناولون كثيراً من السمك تكون لديهم كميات أكبر من مادة TPA أكثر ممن لا يتناولونه.
ولقد أثبتت دراسات أخرى أن الذين يتناولون السمك بانتظام يكون لديهم مستوى منخفض من مولد الليفين وعامل 8 (هما مادتان تساعدان على تجلطان الدم ).
ماذا عن الكولسترول ؟ على الرغم من أن زيت السمك له أثر متواضع على الكولسترول الكلي ، ويمكن أن يزيد كولسترول HDL (الكولسترول المفيد) بنسبة بسيطة ، إلا أنه من خلال ممارستي أرى أن الدور الكبير لزيت السمك هو أنه عامل مخفض للدهون الثلاثية.
3%، الرغم من أنه من الممكن تقدير أثر كمية معينة زيت السمك في الدهون الثلاثية لعدد كامل من الناس ، إلا أنه لدى أي فرد لا يمكن التنبؤ بأثر جرعة محددة من زيت السمك ، وفي إحدى الدراسات التي شملت 50 مشاركاً ، كلهم يعانون ارتفاع الكولسترول ،قال الباحثان "أدلر" وهولوب" إن 3.6 جراماً من أحماض دهنية أوميجاـ3 تسببت في حدوث انخفاض في الدهون الثلاثية بنسبة 37.3%، وقد وجد أن المشاركLDL، هذه الدراسة يواجهون زيادة في كولسترول HDL بنسب 9% و8.5% زيادة في كولسترول LDL، علماً بأن الزيادة في LDL كانت في بعض الحالات فقط، وليست كلها.
ومن الصعوبات التي تواجهنا في تفسير دراسات زيت السمك أنه في الدراسات التي استخدم فيها زيت السمك ليحل محل الدهون المشبعة في الغذاء ، كان كولسترول LDL ينخفض عند إضافة زيت السمك إلى طعام الشخص ،ولكن مع إبقاء كمية الدهون المشبعة كما هي في الغذاء ، فإن كولسترول LDL يظل كما هو ، أو يزيد قليلاً. وعموماً يبدو أن كبسولات زيت السمك تفيد في تخفيض الدهون الثأسابيع،هو مفيد بصفة خاصة للأفراد الذين يعانون ارتفاع الدهون الثلاثية (أعلى من 500 ملجم/دل) وهنا يجب أن نوضح أنه ليست كل كبسولات زيت السمك متساوية في الصنع، فكبسولة سعتها 1000 ملجم من زيت السمك يمكن أن تحتوي على 300 أو 500 ملجم من أحماض دهنية أوميجاـ3 حسب النوع ، في حيث أن هناك بعض الكبسولات سعتها 2000 ملجم وتحتوي تقريباً على 900 ملجم من أحماض دهنية أوميجاـ3 ، ومن المهم أيضاً أن تدرك أن زيت السمك يحتوي على سعرات حرارية ،فإذا قررت أن تجرب زيت السمك ،فإنك سوف تلحظ تغيراً في منسوب الدهون الثلاثية خلال فترة أربعة أسابيع ، أما بالنسبة للعيادة ، فإننا نطلب من المرضى أن يزيدوا من تناولهم كبسولات زيت السمك تدريجياً حتى يصلواً إلى الحد الأقصى ،وهو ما بين خمس وعشر كبسولات في اليوم ،إننا نطلب من الناس أن يزيدوا مقدار تناولهم لزيت السمك بالتدريج تحديداً لكي نقلل إلى أدنى حد من أكثر آثاره الجانبية أذى (التجشؤ ورائحة السمك عن التنفس) ولقد وجدت أن تناول كبسولات زيت السمك مع العشاء أو أي وجبة رئيسية يقلل هذا الأثر الجانبي إلى أدنى حد ، وعموماً فإننا نطلب من الناس أن يتبعوا البرنامج الموضح في الجدول التالي :
أسبوع
جرعة
الأولى
كبسولة واحدة
الثاني
كبسولتان
الثالث
ثلاث كبسولات
الرابع
أربع كبسولات
الخامس
خمس كبسولات
يستمر مرضانا في تناول جرعة خمس كبسولات لمدة أربعة إلى ستة أسابيع ، ثم نعيد فحص الدهون مرة أخرى ، ويتم تعديل جرعة زيت السمك على أساس استجابة الدهون الثلاثية أو على أساس الآثار الجانبية.
والسيدة "روز" هي امرأة تم تحويلها إلينا لأنها تشكو من الآثار الجانبية عند تناولها لكل أدوية الكولسترول التي جربها طبيبها معها ، فقد كانت الدهون الثلاثية عندها مرتفعة جداً ،وعندما تلاقينا كانت الدهون عندها كالتالي:
مستوى كولسترول "روز"
المستوى الطبيعي
الكولسترول الكلي 264ملجم/ديسيلتر
أقبل من 200 ملجم/ديسيلتر
الدهون الثلاثية 501ملجم/ديسيلتر
أقل من 150 ملجم/ديسيلتر
كولسترول LDL (لم يمكن حسابه)
أقل من 130 ملجم/ديسيلتر
كولسترول HDL48 ملجم/ديسيلتر
أكبر من 45 ملجم /ديسيلتر
كانت "روز" تعمل ممرضة ، وكانت تلتزم بالإجراءات السلمية ، لا تتناول الكحوليات ، تتناول القليل من السكر ، لا عصائر فاكهة أو صودا ، كما كانت تمشي مسافة ميلين ونصف الميل يومياً ، على الرغم من أن ذلك خفض الدهون الثلاثية بعد ما كان مستواها قد ارتفع إلى 950 ملجم/دل ، ولكنها كانت في حاجة إلى تخفيضها أكثر ، لذا فقد قررنا أن نجرب كبسولات زيت السمك ووصلت إلى تناول سبع كبسولات يومياً وكانت النتيجة كما يلي:
مستوى كولسترول روز
المستوى الطبيعي
الكولسترول الكلي 230ملجم/ديسيلتر
أقبل من 200 ملجم/ديسيلتر
الدهون الثلاثية 205ملجم/ديسيلتر
أقل من 150 ملجم/ديسيلتر
كولسترول LDL 143مجلم/دل
أقل من 130 ملجم/ديسيلتر
كولسترول HDL46 ملجم/ديسيلتر
أكبر من 45 ملجم /ديسيلتر

عند هذه النقطة ،شعرنا بالانبهار لهذه النتائج (ولكن لن نرض بشكل كامل) ، عندما قابلت "روز" لأول مرة ، لم أستطع قياس كولسترول LDL وذلك لصعوبة تحديد LDL إذا كانت الدهون الثلاثية أكثر من 400 ملجم/دل ،ولكن بعد أن تمكنا من تحديده ،وأدركنا أننا نحتاج إلى المزيد من العمل ،نصحتها بتناول ملعقتين كبيرتين من بنكيول لايت وطلبت منها في تردد أن ترفع مقدار تناولها إلى تسع كبسولات من زيت السمك ، ووافقت "روز" على الإجراءين معاً ، وقالت إنه على الرغم من أنها لا تحب رقم كبسولات زيت السمك التي كانت تتناولها ، إلا أنها كانت سعيدة لأنها وجدت أخيراً شيئاً تتناوله دون آثار جانبية ،وكانت صورة الدهون لديها بعد ثمانية أسابيع تبدو هكذا:
مستوى كولسترول "روز"
المستوى الطبيعي
الكولسترول الكلي 192ملجم/ديسيلتر
أقبل من 200 ملجم/ديسيلتر
الدهون الثلاثية 175ملجم/ديسيلتر
أقل من 150 ملجم/ديسيلتر
كولسترول LDL 106ملجم/ديسيلتر
أقل من 130 ملجم/ديسيلتر
كولسترول HDL51 ملجم/ديسيلتر
أكبر من 45 ملجم /ديسيلتر
وبهذه النتيجة إنتابنا نوعاً من المرضى ،وظلت "روز" طوال العام الماضي تسير على نفس هذا البرنامج ، فتراوحت الدهون الثلاثية عندها من المستوى المنخفض 145ملجم/دل إلى المستوى المرتفع 200ملجم/دل ،ولقد سجلت الرقم 200 ملجم/دل في ديسمبر ،وسأتركك تخمن السبب ثمة ملحوظة أخيرة بالنسبة لروز لقد كان ضغط الدم عندها 144/92 مم زئبقي لكن عندما استخدمت كبسولات زيت السمك (الذي له تأثير بسيط في ضغط الدم) أصبح الضغط المتكرر عندها 132/80 مم زئبقي.
إذا قررت أن تجرب كبسولات زيت السمك ، فمن المهم أن تناقش خطتك مع الطبيب وكما أوضحت سابقاً ،فإن أحد السبل التي يعمل بها زيت السمك هو منع تجلط الدم ، وإذا كان ذلك مفيداً في بعض الظروف إلا أنه يمكن أن يتسبب في تورم أجزاء الجسد بسهولة بعد أية كدمة ، ويحتمل أن يسبب نزيفاً من الأنف أو مضاعفات نزيف خطيرة.

ولا ننصح السيدات الحوامل بتناول زيت السمك كمكمل غذائي وأنا أرى أن الأطفال أيضاً لا يجب أن يتناولوه
خريطة دليل الكوليسترول السابق