50 ـ لا تتخلى عن الأمل ولابد أن تتعلم الكثير عن الإجراءات الطبية والأدوية الحديثة. (1)

على الرغم من أن أغلب الناس ينجحون في إعادة كولسترول LDL ومستوى الدهون الثلاثية إلى حالته الطبيعية باستخدام الأدوية المتوفرة حالياً وخاصة من يعانون أمراض كولسترول وراثي أو جيني أما كولسترول HDL فهو حالة مختلفة تماماً إذ قد تساعد الأدوية المتوفرة حالياً الأشخاص الذين يعانون انخفاض مستوى HDL ولكنهم يفشلون مراراً لتصحيح المستوى المنخفض لهذا البروتين الدهني بشكل كامل ، فإذا كانت هذه هي حالتك فلا تتخلى عن الأمل ولا تستسلم لليأس فالمستقبل واعد والأدوية والعلاجات التي يتم تحسينها سوف تواصل طريقها نحو التطور.
في هذا الجزء سوف نستعرض الجانب الوراثي لاثنين من أكثر أمراض الكولسترول شيوعاً وهما: فرط كولسترول الدم العائلي ، و فرط مجموعة دهون الدم العائلي .
ففرط كولسترول الدم العائلي يؤدي إلى ارتفاع مستوى كولسترول LDL بشكل واضح ( مابين 250 و 500 ملجم/ دل وهي مستويات ليست غير شائعة) أما فرط تجمع دهون الدم العائلي فيمكن أن يؤدي إلى ارتفاع في مستوى LDL أو الدهون الثلاثية (وغالباً يؤدي إلى ارتفاع مستوى الاثنين معاً) وقد يصل مستوى كولسترول LDL إلى أكثر من 200 ملجم/دل والدهون الثلاثية يمكن أحياناً أن تكون أعلى من 1000 ملجم/دل ومن ثم فالأشخاص الذين يعانون هذه الأمراض قد يتطلبون إجراءات ضخمة مثل سحب الدم وتنقيته من LDL ، كما يحتمل أن يستفيدوا من مجموعات جديدة من الأدوية التي تسمى "سوبر استاين" .

ويوجد في المستشفى التي أعمل بها عدد كبير من المرضى المصابين بأمراض وراثية تؤدي إلى ارتفاع كولسترول LDL وكما سبق أن لاحظانا سابقاً أن الأمراض الأكثر شيوعاً هي : فرط كولسترول الدم العائلي وفرط مجموعة دهون الدم العائلي ، فالشخص المصاب بفرط كولسترول الدم العائلي يكون لديه ارتفاع في منسوب LDL بشكل ملحوظ ونفس الشئ ينطبق على كثير من المرضى وليس كل المصابين بفرط مجموعة دهون الدم العائلية ويحدث المرض الأول لشخص واحد من بين 500 شخص والمرض الثاني يصيب شخص واحد من بين كل مائة شخص من الناس العاديين (ونحن نجد غالباً أن الأشخاص المصابين بفرط مجموعة الدهون العائلية لا تظهر لديهم أعراض المرض حتى يبلغوا الثلاثين من عمرهم) أما فرط كولسترول الدم العائلي فيحدث كثيراً عند أناس بأعينهم ، حيث يواجه الفرنسيون والكنديون الأفارقة في جنوب أفريقيا والفنلنديون واللبنانيون خطر هذا المرض الوراثي بشكل مرتفع عن غيرهم وحيث عملت في مانشتسر ونيوهامبشاير وكان هناك شخص واحد من بين مائة وخمسين من الكنديين من أصل فرنسي يصابون بمرض فرط كولسترول الدم العائلي.
ومرض فرط كولسترول الدم العائلي يسبب ارتفاعاً شديداً في مستوى الكولسترول ويحتمل إصابة الكبار به إذا كانت نسبة الكولسترول الكلية لديهم هي 340 ملجم/دل أو أعلى من ذلك وعند الأطفال إذا كان الكولسترول الكلي 270 ملجم/دل وهذه الحالة تزيد كثيراً من خطورة احتمال الإصابة بنوبة قلبية في سن العشرين.
وأغلب الرجال المصابين بمرض فرط الكولسترول العائلي ولا يعالجون منه سوف تصيبهم على الأقل نوبة قلبية في سن الخامسة والخمسين وقد يحدث للنساء نفس الشئ في سن الخامسة والستين ويعتقد العلماء أن النساء فقن الرجال بعشر سنوات بسبب وجود الإستروجين وعندما يتوقف الطمث عند أية سيدة تعاني مرض فرط كولسترول الدم العائلي تزداد خطورة احتمال إصابتها بشكل متسارع.
والسبب في مرض كولسترول الدم العائلي هو اعتلال جين مستقبل LDL وهذا الجين يوجد في كروموسوم رقم 19 والأشخاص الذين ورثوا نسخة واحدة من الجين المعتل يصابون بارتفاع الكولسترول إلى المدى الذي ذكر سابقاً والشخص غير المحظوظ الذي ورث نسختين من هذا الجين المعتل سوف يكون مستوى الكولسترول لديه أعلى من 700 ملجم/دل ولحسن الحظ فإن وراثة نسختين من جين فرط كولسترول الدم شئ نادر للغاية إنه في الحقيقة واحد في المليون والشخص الذي لديه نسخة واحدة من جين فرط كولسترول الدم العائلي تكون فرصة انتقال هذا الجين لأحد أطفاله 50% لذا فعند الاشتباه في إصابة شخص ما بفرط كولسترول الدم العائلي يكون من الضروري فحص كل أقارب الشخص المريض من الدرجة الأولى وكقاعدة فإن 50% من هؤلاء الأقارب سوف يوجد لديهم هذا المرض أيضاً.
وسيكشف مرضى فرط كولسترول الدم العائلي أشياء مثيرة عندما يتم فحصهم جسدياً فمن الشائع أن تجد ترسبات كولسترول يمكن رؤيتها (تسمى ورماً أصفر أو صفرور في أوتار اليدين والقدمين وثمة علامة أخرى هي قوس قرنية العين وهو ترسبات كولسترولية تحيط بالجزء الملون من عين الشخص.
ويعتقد أن فرط مجموعة دهون الدم هو أكثر الأمراض الموروثة المتعالجانبية،لكولسترول شيوعاً وقد اكتشفه الدكتور "جوزيف جولد ستين" والدكتور "هيلموت سكروت" والدكتور"وليام هازارد" والدكتور"إدوار بيرمان" و"أرنو موتولسكي" وكلهم باحثون في جامعة واشنطون وعلى الرغم من طول عهدنا بهذا المرض فإن طريقة توارثه ليست معروفة بشكل جيد وعلى الرغم من ذلك فمن الواضح أن المرضى المصابين بهذا المرض يواجهون خطراً متزايداً للإصابة بالأمراض القلبية المبكرة وهم غالباً يعانون أو نوبة قلبية قبل بلوغهم سن 55.
إن كلمات "فرط مجموعة دهون الدم العائلي" تشير إلى ما يوجد على صورة تحليل الدهون للأشخاص المرضى حيث يمكن لأي مريض أن تكون له صورة تكشف عن مستوى مرتفع من كولسترول LDL ومستوى مرتفع للدهون الثلاثية أو كليهما معاً ، إن أسرة مصابة بمرض دهون الدم العائلي يمكن أن تظهر لدى أفرادها كل هذه الأمراض ولذلك يمكن أن تكون أنت وأختك مصابين بهذا المرض لكن يمكن أن تصاب أنت بارتفاع في الدهون الثلاثية فقط بينما تعاني أختك ارتفاع كل من الكولسترول LDL والدهون الثلاثية.
ومهما كان نوع خلل الكولسترول الوراثي لديك فمن المهم أن تتبع النصائح الخاصة بالنظام الغذائي والتمارين الرياضية الموضحة في هذه المدونة ومن الإنصاف أن نقول إن أغلب المرضى الذين يعانون هذه الأمراض يحتاجون أيضاً إلى الأدوية التي تخفض الكولسترول وفي معظم الحالات لا يكفي استعمال دواء واحد بمفرده لكي يعود الكولسترول إلى الحالة الطبيعية.
وهناك بالتأكيد أشخاص يكون من الصعب علاجهم من ارتفاع الكولسترول حتى لو استخدمنا علاجاً مزدوجاً أو ثلاثياً فهذا العلاج يفشل في إعادة صورة الكولسترول لديهم إلى طبيعتها .
خريطة دليل الكوليسترول السابق